Mashariq Anwar Al-Uqul
مشارق أنوار العقول
Nau'ikan
( اعلم) أن مسألة الإحباط مبنية على مسألة القطع بتعذيب الفساق فذهب أصحابنا والمعتزلة إلى إحباط صالح الأعمال بمطلق الفسق إذا لم يتب منه، وذهب القائلون بعدم القطع بوعيد الفساق إلى أن الأعمال إنما تحبط بالشرك لا بشيء غيره من أنواع الفسق وهي كأصلها من المسائل الدينية فما ورد في الأثر مما نصه قال جابر بن النعمان رحمه الله: اختلف المسلون من أهل صحار في الذي يعمل الحسنات والسيئات فقال قائلون منهم إنها تحصى عليه حتى يموت ثم ينظر في حسناته وسيئاته أيهما أكثر جري به وقال آخرون: إذا عمل حسنة ثم عمل سيئة محت السيئة الحسنة قال جابر: فخرجنا من صحار إلى سمائل فسألت هاشم بن غيلان رحمه الله عن ذلك فقال: كفوا عن هذا فقد وقع هذا بصحار وكتبوا إلينا فلم نجبهم وعند هذا ومثله تقع الفرقة وبالله التوفيق. هل هذا الخلاف مقرر أم مردود..؟ فالجواب فيه أن هذا المقام ليس محلا للخلاف وإن القائل إن السيئة تمحو الحسنة إذا جاءت بعدها هو المصيب لكن بشرطين أحدهما أن تكون السيئة كبيرة لأن الصغائر مغفورة باجتناب الكبائر وثانيهما: أن يموت عليها لأنه إذا تاب منها رد إليه ثواب حسنته. وناهيك بسكوت هاشم عن الجواب عليها وبقوله: «وعند هذا ومثله تقع الفرقة» تنبيها على أنها من مسائل الدين.
(فإن قيل) لو كانت المسألة من مسائل الدين ما وسع هاشما السكوت عنها لحديث: إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه فإن لم يفعل فعليه لعنة الله.
Shafi 357