321

Mashariq Anwar Al-Uqul

مشارق أنوار العقول

Nau'ikan

( إما) بإظهار نحول وصفرة وجه ونحو تشعث شعر وبذاذة هيئة وخفض صوت وغمض جفن إيهاما لشدة اجتهاده في العبادة وحزنه وقلة أكله وعدم مبالاته بأمر نفسه لاشتغاله عنها بالأهم، وتوالى صومه وسهره وإعراضه عن الدنيا وأهلها.

(وإما) بإظهار زي الصالحين كإطراق الرأس في المشي والهدوء في الحركة وإبقاء أثر السجود على الوجه ولبس الصوف وخشن الثياب وتقصيره وغير ذلك و(إما) بالوعظ والتذكير وإظهار حفظ السنن ولقاء المشايخ وإتقان العلوم وغير ذلك من الطرق الكثيرة.

(وإما) بنحو تطويل أركان الصلاة وتحسينها وإظهار التخشع فيها وكذا الصوم والحج وغيرهما من العبادات (وإما) بالاصطحاب والزائرين والمخالطين كمن يطلب من عالم أو أمير أو صالح أن يأتي إليه لزيارته إيهاما لرفعته وتبرك الأكابر به وكمن يذكر أنه لقي شيوخا كثيرين افتخارا بهم وترفعا بذلك على غيره وهو بجميع أنواعه حرام بشهادة الكتاب والسنة وإجماع الأمة قال تعالى ((الذين هم يراءون ويمنعون الماعون))([33]) وقال تعالى ((ولا يشرك بعبادة ربه أحدا))([34]) أي لا يرائي بعمله، ومن ثم نزلت فيمن يطلب الأجر والحمد بعبادته وأعماله قال صلى الله عليه وسلم ((إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء يقول الله يوم القيامة إذا جزي الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا انظروا هل تجدون عندهم جزاء..؟ ))([35]) وفي حديث آخر إن أدنى الرياء شرك ((وأحب العبيد إلى الله الأتقياء الأسخياء الأخفياء))([36]) أي المبالغون في ستر عباداتهم وتنزيهها عن شوائب الأغراض الفانية والأخلاق الدنيئة وفي حديث آخر ((إن أخوف ما أخاف على أمتي الإشراك بالله أما أني لست أقول يعبدون شمسا ولا قمرا ولا وثنا ولكن أعمالا لغير الله وشهوة خفية))([37]).

Shafi 332