Mashariq Shumus
مشارق الشموس (ط.ق)
ممنوع لما تقدم من أن غسله (عليه السلام) بوجه خاص لا يستلزم وجوبه وقوله وأيضا يلزم أن يكون فعل مكروها وهو منزه عنه قلنا لعله فعل المكروه لبيان الجواز فإن قلت لو ابتدء (عليه السلام) من الأسفل لكان ينبغي أن لا يقع الخلاف في جوازه قلت ممنوع إذ يجوز أن لا يصل هذا الخبر إلى جميع الفريقين وثانيا أنه ابتدء من الأعلى قوله فيجب اتباعه نقول قد علمت ما فيه وقد يستدل أيضا على هذا المطلب بوجه آخر وهو أن المطلق ينصرف إلى الفرد الشايع المتعارف والشايع المتعارف في غسل الوجه غسله من فوق إلى أسفل فينصرف الامر في قوله (عليه السلام) فاغسلوا إليه وفيه أيضا إن شيوع هذا الفرد بحيث صار اللفظ حقيقة عرفية فيه ممنوع هذا واحتج السيد المرتضى (ره) بإطلاق الآية والاخبار وبما رواه حماد عن أبي عبد الله (عليه السلام) لا بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا وضعف الأخير ظاهر لان الكلام في الغسل دون المسح وإذا عرفت المأخذ من الجانبين فنقول الظاهر مذهب السيد لقوة دليله الأول وضعف دلايل المشهور لكن الشهرة بين الأصحاب والتكليف اليقيني بالغسل بما يقتضيان ملازمة الاحتياط وعدم الاجتزاء على خلاف المشهور واعلم إن غاية ما يلزم من دلايل المشهور على تقدير تمامها وجوب البدأة بالأعلى بمعنى صب الماء عليه ثم اتباعه بغسل الباقي وأما عدم جواز غسل شئ من الأسفل قبل الاعلى وإن لم يكن في سمته كما تخيله بعض فلا دلالة لها عليه وإنما هو متعسر جدا بل متعذر فلا معنى للقول به ونعم ما قيل أنه من الخرافات الباردة والأوهام الفاسدة (وتخليل ما يمنع وصول الماء إذا خف احتياطا والمشهور عدم الوجوب) المراد بالموصول بالشعر وتخفيفه أن يتراى البشرة من خلاله في مجلس التخاطب وقد يفسر بأن يصل الماء إلى منبته من غير مبالغ ويفترق التفسيران بحسب سيوطة الشعر وجعودته ولا بد أولا من تحرير محل النزاع الذي في هذا المقام لأنه مما اشتبه فيه كلام الأقوام ثم الاشتغال بذكر الدلائل من الجانبين وما يتعلق بها من النقض والابرام اعلم إن الشيخ (ره) في المبسوط أطلق القول وقال ولا يلزم تخليل شعر اللحية سواء كانت خفيفة أو كثيفة أو بعضها كثيفة وبعضها خفيفة ويكفيه امرار الماء عليها وكذا قال المحقق في المعتبر لا يلزم تخليل شعر اللحية ولا الشارب ولا العنفقة ولا الأهداب كثيفا كان الشعر أو خفيفا بل لا يستحب وأطبق الجمهور على الاستحباب وقال ابن أبي عقيل متى خرجت اللحية ولم تكثر فعلى المتوضي غسل الوجه حتى يستيقن وصول الماء إلى بشرته لأنها لم تستر مواضعها انتهى كلام المعتبر وقال العلامة (ره) في المنتهى لا يلزم تخليل شعر اللحية ولا الشارب ولا العنفقة ولا الأهداب سواء كانت كثيفة أو خفيفة ولا يستحب أيضا بل الواجب إن فقد الشعر غسل هذه المواضع وإن وجد فإمرار الماء على ظاهر الشعر ثم نقل العبارة المنقولة عن ابن أبي عقيل ونسبها إلى ابن الجنيد وكذا حكم في الارشاد بعدم وجوب التخليل مطلقا وقال في المختلف قال الشيخ (ره) في المبسوط لا يجب تخليل شعر اللحية سواء كان خفيفة أو كثيفة أو بعضها كثيفة وبعضها خفيفة وقال ابن الجنيد إذا خرجت اللحية فلم تكثر فتوارى بنباتها البشرة من الوجه فعلى المتوضي غسل الوجه كما كان قبل أن ينبت الشعر حتى يستيقن وصول الماء إلى بشرته التي يقع عليها حس البصر أما بالتخليل أو غيره لان الشعر إذا ستر البشرة قام مقامها وإذا لم يسترها كان على المتوضي إيصال الماء إليها وهو الظاهر من كلام السيد في المسائل الناصرية فإنه قال الأمرد وكل من لا شعر على وجهه يجب عليه غسل وجهه ومن كان ذا لحية كثيفة تغطي بشرة وجهه فالواجب عليه غسل ما ظهر من بشرة وجهه وما لا يظهر مما تغطيه اللحية لا يلزمه إيصال الماء إليه ويجزيه أجراء الماء على اللحية من غير إيصال الماء إلى البشرة المستورة والحق عندي قول ابن الجنيد لنا قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم دل على وجوب غسل الوجه وإنما انتقل إلى اللحية النابتة عليه لانتقال الاسم إليها لان الوجه اسم لما يقع به المواجهة وإنما يحصل لها ذلك مع الستر أما مع عدمه فلا فإن الوجه مرئي فهو المواجه دون اللحية لأنها لم تستر الوجه فلا ينتقل الاسم إليها انتهى ولا يخفى أن الظاهر على ما نقلنا إن الشيخ المحقق (ره) والعلامة (ره) في المنتهى والارشاد ذهبوا إلى عدم وجوب تخليل اللحية الخفيفة وإيصال الماء إلى البشرة الظاهرة خلال الشعر وابن الجنيد والمرتضى وابن أبي عقيل والعلامة (ره) في المختلف ذهبوا إلى وجوب إيصال الماء إلى البشرة الظاهرة خلال الشعر في الخفيف وأما ما يستر تحت الشعر ولو كان في الخفيف فالظاهر أنه لا نزاع لاحد في عدم وجوب غسله ولا أظنك في مرية من هذا لكن المصنف (ره) في؟ بأنه لا خلاف ظاهرا بين الشيخ والمحقق والمرتضى وابن الجنيد في شئ أصلا بل الكل متفقون على وجوب غسل البشرة الظاهرة خلال الشعر وعدم وجوب غسل المستورة وذكر أن العلامة (ره) في التذكرة حمل كلام السيد وابن الجنيد على أن مرادهما وجوب غسل ما يستر من البشرة تحت الشعر الخفيف وتبعهما في ذلك وأوجب غسل الشعر الساتر ومنبته وحكم بأن غسل أحدهما لا يجزي عن الاخر والحال إن كلامهما يحتمل غير هذا المعنى وهو قصر الوجوب على غسل البشرة التي لا شعر عليها بل الظاهر من كلامهما هذا خصوصا كلام السيد وعلى هذا لا نزاع بينهما وبين الشيخ واعترض أيضا على ما في التذكرة بأنه مع مخالفته الظاهر الأصحاب يخالف مشهور العامة أيضا لأنه لم يفرق بين شعر اللحية وغيرها من الحاجب والأهداب ونحوهما في هذا الحكم مع أنهم فرقوا بينهما والحق إن ما ذكره المصنف في الذكرى من الاتفاق على وجوب غسل البشرة الظاهرة خلال الشعر ومن أن العلامة إنما حمل كلامهما في التذكرة على المعنى المذكور دون وجوب غسل البشرة الظاهرة منظور فيه أما الأول فلانه لا دليل على ذلك الاتفاق أصلا بل الظاهر من إطلاقاتهم خلافه كما علمت بل لا يبعد دعوى التصريح أيضا في كلام المختلف وأنت خبير بأن بعد ظهور كلامهم في هذا المعنى وتصريح العلامة بالحمل عليه وعدم معارض يدل على خلافه لا وجه للقول بأن مرادهم ليس ذلك وكان الباعث على هذا الدعوى حسبان إن البشرة إذا لم تستر بالشعر فيصدق عليها الوجه قطعا فكيف يمكن الحكم بعدم وجوب غسله
Shafi 103