============================================================
38- كما صح في الحديث (1): ليس الغنى عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب، والذي نشاهده من الناس لما أعرضوا عن الجهاد الاو الغنائم وأقبلوا على الاكتساب من الجهات المختلفة من مباح وغيره سلط الله ~~عليهم فقر قلب(2) وشدة حرص وغلبة شح، فمنعوا كثيرا من الحقوق الواجبة الاو تناولوا كثيرا من الحرام كالمكوس(3) ونحوها وصار القليل من الدنيا عندهم خطيرا جليلا وأذهم/ الحرص2) والطمع فقل أن تجد منهم أحدا إلا وقد [10/ب] الاستولت عليه الذلة لمن يرى أن رزقه يأتي من جهته واستعبده له الطمع والخوف الا ن فواته ولو كان غنيا لكان حرا فهو في الحقيقة وإن كان ذا ثروة فهو فقير، وإن كان في ظاهره عزيزا فالذل قد استولى على قلبه وسكن فيه وليس عند من يرتزق ال ن سيفه شيء من ذلك لأن رزقه من الغنيمة مأخوذ بالسيف ليس لأحد غير الله فيه منة(5)، ولما كانت الغنيمة حلالا محضا ليس فيها شبهة كانت سببا في تنوير القلب وطرد ظلمات الشح والبخل والحرص من ساحته، فصاحب الغنيمة وإن كان فقير اليد فهو غني النفس، وإن كان دثاره الظاهر الذل والمسكنة فشعاره الباطن العز والعظمة كما وصفهم الله تعالى بقوله: أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين(2).
الا اما من اكتسب من الشبه وأذله الطمع للخلق فهو وإن كان عزيزا في الظاهر فقلبه بأنواع الذل عامر، وإن كان في الظاهر غنيا بما جمع، فهو في الباطن 1) رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي يية قال: "اليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس". فتح الباري، كتاب الرقاق، باب الغنى غنى النفس: 271/11.
العرض: متاع الدنيا وحطامها. النهاية لابن الأثير: 214/3.
(2) في (م): القلب.
3) المكوس: هي الضرائب التي كانت تأخذها العشارون، تاج العروس للزبيدي: .2494 (4) في (م): بالحرص.
5) في (2) و(ب) و(ع) و(ط): مانه وفي (م): مهانة وفي (ر): منه مانه.
(2) سورة المائدة: آية 54.
109
Shafi 110