Mashahid Mamalik

Idwar Ilyas d. 1341 AH
109

Mashahid Mamalik

مشاهد الممالك

Nau'ikan

قصر الصين:

بني القصر الصيني إلى يمين القصر الروسي، وقد جعلوا له مدخلا يحكي البوابة الكبرى التي قامت في أول حي الإمبراطور في مدينة بكين عاصمة الصين، أشغل هذا القصر أرضا واسعة من المعرض؛ لأنهم لم يقتصروا فيه على عرض الأشياء الصينية، بل هم جاءوا بالعمال من بلاد الصين، وقد رأيت فيه الصياغ يصيغون جميل الأشكال والنجارين والخراطين والنحاتين كل يعمل بحرفته، ولهم صبر غريب على نقش الزخارف الدقيقة في العاج والخشب والمعادن، واشتهرت بها صناعتهم من قدم، وكذلك رأيت النساجين يحيكون الحرير وغيره بالأنوال على الطرق الصينية، فكأنما هذا القصر كان معملا لصنع البدائع الشرقية، يود الزائر لو يقيم فيه زمانا يتأمل أولئك الصناع وما يصنعون.

قصر الهند:

إذا دخل المرء هذا القصر حسب نفسه متنقلا في بلاد الهند العظيمة؛ لما يرى في جوانبه من أنواع المنسوجات الشرقية والأسلحة القديمة والأحجار الكريمة والمعادن الثمينة من نحاس وذهب وفضة وغيرها، كلها منقوشة أجمل نقش وقد قطع العاج أشكالا شتى كثيرة الزخرف والإتقان، ويذكر في هذا الباب أيضا قصر جزيرة سيلان المشهورة؛ لأنها من أجزاء السلطنة الهندية، وهي معروفة بما يصدر من أرضها كل سنة من الشاي والأفاوية والرصاص الذي تصنع منه الأقلام المعروفة، فإن قيمة المتصدر من هذا الصنف وحده كل سنة لا تقل عن 12 مليون فرنك. ولما كانت المصنوعات الهندية مشهورة في هذا القطر فلا نطيل في وصف قصرها ومصنوعاتها في معرض باريس.

المستعمرات الإنكليزية:

أشهر المستعمرات الإنكليزية التي أقامت لها القصور الخاصة وعرضت مصنوعاتها وحاصلاتها في هذا المعرض مستعمرة كندا، وهي قطر واسع عظيم واقع في أميركا الشمالية، كانت ملكا لدولة الفرنسيس بعد اكتشاف أميركا، ولكن إنكلترا استولت عليها في سنة 1760 بالحرب، وما زالت هي أهم مستعمراتها، وأهلها خليط من مهاجري الإنكليز والفرنسيس، وهم على درجة عليا من التقدم والارتقاء، وقد أظهروا بين معروضاتهم في قصر كندا أنواع الشكر الكبير الباسق الذي يكثر في غياض تلك البلاد، وكثيرا من الحاصلات الزراعية التي يصدرونها إلى بعيد الأقطار.

ومن هذا القبيل قصر أوستراليا - أي القارة التي ملكتها إنكلترا برمتها، وهي تزيد خمسة وعشرين ضعفا عن مساحة أمها إنكلترا - وقد عرضوا في هذا القصر أنواع الذهب الأوسترالي، وهو أهم حاصلات البلاد الطبيعية، وكان المستخرج منه في السنوات الخالية مقدارا عظيما، فهم بنوا في هذا القصر هرما ورقموا عليه السنين التي اشتغلوا فيها بإخراج الذهب من أرض أوستراليا، ومقدار ما أخرجوا كل عام، وقد بلغ الذي استخرجوه قبل عام المعرض - أي في سنة 1899 - مليون أوقية ونصف مليون، بلغت قيمتها 6 ملايين جنيه.

ومن هذا القبيل أيضا قصر الترانسفال، وكانت يومئذ جمهورية مستقلة ولم تكن مستعمرة إنكليزية كما هي الآن، وكانت الحرب سجالا بينها وبين إنكلترا في أيام المعرض، فأراد أهلها أن يظهروا قوتهم على ما هم من قلة العدد وبراعتهم في مقاتلة دولة عظيمة جردت عليهم 260 ألف مقاتل، قتل منهم وجرح نحو 45000 وأنفق عليهم وعلى لوازم تلك الحرب 230 مليون جنيه بعد حرب دامت 30 شهرا، وكان في صدر القصر يوم دخلته صورة كروجر آخر رؤساء جمهورية البوير، وفيه نساء وأولاد من البوير يظهرون طرق استخراج الألماس من بلادهم وتنقيته والبحث عنه في الأتربة والحصى، وهنالك جدول بمقدار ما استخرج من هذا الجوهر سنة بعد سنة ، وجدول آخر بمقادير الذهب التي استخرجوها من مناجم جوهانسبرج، وكانت أهمية الترانسفال يومئذ منحصرة في الذهب والألماس والحرب التي أدت إلى تظاهر كثير من الزائرين.

بقية القصور:

وقد ضاق بنا المقام، فليس يمكن الإسهاب في وصف بقية القصور، فنشير إليها موجزين. من ذلك قصر اليابان، أشهر ما وضعوا فيه اللؤلؤ الأسود، وقصر موناكو يمثل أشهر ما فيها، وهو الكازينو الذي فاق كل أماكن المقامرة في الوجود، وقصر البورتوغال بني من دورين وامتاز بوجود جوق على بابه من الموسيقيين الزنوج، وهم جنود بملابسهم الرسمية تحت قيادة ملازم من جنسهم جاءوا بهم من مستعمرة سان توماس، وكان إقبال الناس عظيما على هذا القصر؛ ليروا هؤلاء الجنود وما بهم من اعتدال في القد وتناسب في الملامح؛ وليسمعوا الأنغام.

Shafi da ba'a sani ba