المسح على الرجلين (للشيخ المفيد)
تأليف
الشيخ المفيد محمد بن محمد بن نعمان العكبري البغدادي
جميع الحقوق محفوظة لفريق مساحة حرة
[![](../Images/logo4.png)](http://www.masaha.org)
<http://www.masaha.org>
[سؤال وجواب عن الوضوء والحكم في الرجلين]
المقدمة
Shafi 15
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر سأل بعض أهل مجلس الشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان رضي الله عنه أبا جعفر المعروف بالنسفي العراقي فقال له ما فرض الله تعالى من الوضوء في الرجلين فقال غسلهما فقال ما الدليل على ذلك فقال
قول النبي(ص)وقد توضأ فغسل وجهه وغسل ذراعيه ومسح برأسه وغسل رجليه وقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به
فقال له السائل ما أنكرت على من قال أنه لا حجة لك في الخبر
Shafi 17
لأنه من أخبار الآحاد لا يوجب علما ولا عملا.
فقال له أبو جعفر أخبار الآحاد عندي موجبة للعمل وإن لم تكن موجبة للعلم وأنا إنما أبني الكلام على أصلي دون أصل المخالف.
وتردد الكلام بينه وبين السائل في هذا المعنى ترددا يسيرا.
فقال الشيخ أبو عبد الله رضي الله عنه أنا أسلم لك العمل بأخبار الآحاد تسليم نظر وإن كنت لا أعتقد ذلك استظهارا في الحجة وأبين أنه لا دليل لك في الخبر الذي تعلقت به على ما تذهب إليه من فرض غسل الرجلين في الوضوء.
وذلك أن
قول النبي(ص)إن صح عنه هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به
مختص الحكم بذلك الوضوء الذي أشار إليه بقوله هذا دون ما عداه من غيره أو فعل نفسه.
فالحكم بإيجاب ذلك في أفعال غيره وأفعال نفسه لما بعد حكم جائز لا حجة عليه.
فلم يبين أبو جعفر معنى هذا الكلام وقال على ظن منه خلاف المراد فيه الوضوء اسم للجنس المشروع منه والتعلق بحكمه على العموم حقيقة لا مجاز.
فقال له الشيخ هذا كلام من لم يتأمل معنى ما أوردته عليه وليس العبارة بالوضوء عن جنس مشروع يمنع مما ألزمتك في التعلق بقول النبي(ع)وثبت أن حكمك به على كل وضوء يحدث ليس بمأخوذ من حقيقة الكلام وإنما هو دعوى لا تثبت إلا ببرهان بناء في الخبر ويكون خارجا عنه.
Shafi 18
وذلك أن قول النبي(ع)هذا لا يقع على معدوم ولا الإشارة به إلا إلى موجود.
وإذا كان الأمر على ما ذكرناه وجب أن يختص حكمه بنفس ذلك الوضوء الذي أشار إليه النبي(ص)ويكون المراد بالصلاة المذكورة معه ما يقام به دون ما عداها.
فمن أين يخرج منه أن ما سوى هذا الوضوء مما يتجدد بفعل النبي(ص)أو يكون وضوءا لغيره فحكمه حكمه بقياس عليه أو بحجة تعقل أو بمفهوم اللفظ.
وإذا لم يكن للقياس في هذا مجال ولا للعقل فيه مدخل ولم يفده اللفظ لم يبق إلا الاقتراح فيه والدعوى له بغير برهان.
فقال أبو جعفر قد ثبت أنه إذا كان حكم وضوء النبي(ص)ذلك وأن الله تعالى لا يقبل صلاته إلا به وجب أن يكون حكم غيره كحكمه فيه إذ ليس في الأمة من يفرق بين الأمرين فزعم أن للنبي(ص)وضوءا على انفراده وللأمة وضوء على حياله.
فقال الشيخ هذا ذهاب عن وجه الكلام الذي أوردناه عليك مع استئنافك إياه وانتقالك عما كنت معتمدا عليه في الخبر ويكفي الخصم من خصمه والنظر أن يضطره إلى الانتقال عن معتمده إلى غيره وإظهار الرغبة إلى سواه.
والذي بعد فإن الذي طالبناك به هو أن يكون قوله(ع)هذا وضوء إشارة إلى ذلك الشيء الواقع دون غيره من أمثاله.
ولم نسلم لك أن المراد به كل وضوء يحدثه النبي(ص)في مستقبل الأوقات فيبنى الكلام على ذلك ويستدل على مذهبك فيه بما
Shafi 19
خرجته من الإجماع فيجب أن تأتي بفصل مما ألزمناك وإلا فالكلام عليك متوجه مع انتقالك من دليل إلى دليل للاضطرار دون الاختيار.
فقال هذا لا معنى له لأنه لم يكن النبي(ص)في حال من الأحوال قد أمر بوضوء لا يقبل الله صلاته إلا به ثم نقل عنه إلى غيره وإذا ثبت أن العبادة له كانت بوضوء استمر على الأحوال والأوقات لم يلزم ما أدخلت علي من الكلام.
فقال الشيخ (رحمه الله) وهذا أيضا مما لم يتأمل وسبق إلى وهمك منه ما لم نقصده في الإلزام وذلك أنا لم نرد بما ذكرنا في تخصيص وضوء النبي(ص)الواقع منه في تلك الحال ما قدرت من أنه كان مفروض عليه غسل الرجلين للوضوء دون ما سواه وإنما أوردنا ذلك على التقدير.
فما أنكرت أن يكون غسل النبي(ص)رجليه في ذلك الوضوء لإماطة نجس كان بهما ففعل ذلك لما ذكرناه دون إقامة فرض الوضوء للصلاة على انفراده مما سميناه فيكون
قوله(ع)حينئذ هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به
مختصا بذلك الوضوء الذي دخل فيه فرض إماطة النجاسة عن الرجلين دون ما عداه وهذا خلاف ظنك الذي أطلت فيه الكلام.
فقال أبو جعفر هذا أيضا غير لازم إماطة النجاسة لا يطلق عليها وضوء شرعي وقول النبي(ص)هذا وضوء لفظ شرعي يخص نوع الوضوء دون ما عداه.
فقال له الأمر كما وصفت من أنه لا يطلق لفظ الوضوء إذا انفرد
Shafi 20
ذلك مما سواه لكنه ما أنكرت أن يطلق ذلك على الوضوء المشروع إذا فعل في جملته إماطة نجاسة عن الجسد أو الأبعاض ولو لم تمط في حال الوضوء أو معه ووقعت على الانفراد لم يطلق عليها ذلك فيكون للاتصال من الحكم ما لا يكون للانفصال ويكون الإشارة بقوله هذا وضوء إلى أكثر الأفعال التي وقعت مما هي وضوء في نفسه وإن يتخللها ما لا يسمى على الانفراد وضوءا وهذا معروف في لغة العرب لا يتناكره منهم اثنان.
ألا ترى أنهم يسمون الشيء باسم مجاوره يستعيرون فيه اسم ما دخل في جملته ويعبرون عنه بحقيقة اللفظ منه وإن تخلل أجزاءه ما ليس منه ولا خلاف مع هذا بينهم أن السمات قد تطلق على الأشياء بحكم الأغلب ويحكم عليها بالغلبة وإن كان فيها ما ليس من الأغلب وهذا يبين عن وجه الكلام عليك وأنك ذهبت عنه مذهبا بعيدا.
فقال لو جاز أن يعبر عن إماطة النجاسة عن الرجل بالوضوء لجاز أن يعبر عن إماطتها عن الثوب بذلك ويعبر عن السترة في الصلاة بذلك ويعبر عن التوجه والقبلة بالوضوء لأن الصلاة لا تتم إلا بذلك كما لا تتم إلا بإماطة النجاسة عن القدمين وغيرهما من الجسد وهذا ما لا يقوله أحد.
فقال الشيخ رضي الله عنه هذا أيضا كلام على غير ما اعتمدناه ولو تأملت ما ذكرناه لأغناك عن تكلف هذا الخطاب وذلك أنا لم نقل إن إماطة النجاسة عن القدمين بغسلهما يقال لها وضوء ولا حكمنا أن النبي
Shafi 21
ع قصد ذلك بقوله هذا وضوء ولا عناه وإنما قلنا إنه عنى الوضوء المشروع مع دخول ما ليس من جنسه ونوعه.
وليس كذلك غسل الثوب لأنه لا يدخل في جملة الوضوء ولا يتخلل أجزاء الفعل منه ولو اتفق دخوله بالعرض وتخلل أجزاء الفعل منه لا سيما على أصلك في ترك موالاة الوضوء لم يجز أن يعبر عن الوضوء وعنه جميعا بالعبارة عن الوضوء المطلق كما عبر بذلك عن غسل الرجلين لما ذكرناه في الفرض من قبل أن لفظ الوضوء في اللغة إنما هو موضوع على تنظيف الجسد وتحسينه دون غيره ولذلك قيل فلان وضيء الوجه ولم يقولوا فلان وضيء الثوب وإن كان الثوب في نفسه حسنا.
فلا ينكر استعمال العبارة فيما ليس بوضوء شرعي مع الوضوء الشرعي بما وضعت له عبارة الوضوء في الأصل من التحسين للجسد والتنظيف له.
بل لو استعملت هذه العبارة في تنظيف الجسد المفرد من الوضوء الشرعي لكانت جارية على الأصل من اللغة فكيف إذا وضعت في موضوع الشرع واللغة وقصد بها ما هي موضوعة له في الشريعة مع ما تخلله مما يطلق عليه في اللغة فأما السترة في الصلاة والتوجه والقبلة والنية فليس من هذا في شيء لأمرين أحدهما أن كل واحد من هذه لا يتخلل أجزاء الوضوء.
والثاني أنه مما لا يطلق عليه هذه العبارة في مجاز اللغة
Shafi 22
فصل فاقتضى بعض الحاضرين الموافقة لأبي جعفر على الانتقال.
فقال الشيخ (رحمه الله) أما الانتقال من أبي جعفر فكثير في هذا المجلس وأصل الانتقال منه تركه الخبر جانبا إلى الاستدلال من مقتضى الخبر فليسأل عن التعلق بالظاهر منه بعد اعتماده ثم تركه جانبا إلى غيره.
فقال أبو جعفر ليس هذا نقله عندي لأنني إنما صرت إلى ما صرت إليه عند الزيادة على ما لم يرد في السؤال الأول.
فقال الشيخ رضي الله عنه سواء انتقلت بالزيادة أو بغيرها فقد خرجت عن حد النظر وأظهرت الرغبة عما كنت عليه لضعفه عندك ولجأت إلى غيره.
وبعد فكيف نقلتك الزيادة التي تدعيها وإنما طولت بوجه البرهان من الخبر فرمته فلما لم تجد إليه سبيلا عدلت إلى سواه وهو أنك جعلت
قول النبي هذه وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به
حكما ساريا علي فلما بينا بطلان ذلك جعلته خاصا للنبي(ص)في وضوء بعينه.
فإن كنت أجبت السائل عن مسألة عامة فاعتمادك على خاص الجواب باطل وإن كنت أجبته عن خاص من سؤاله فقد عدلت عما اقتضاه السؤال بالاتفاق.
Shafi 23
فقال أبو جعفر ليس لأحد أن يمنع المجيب عن سؤال عام بجواب خاص ودليل مختص ولا يعنته بذلك إذا بنى كلامه فيما يسرى إلى العموم عليه.
فقال الشيخ (رحمه الله) فهذا لو بدأت به أولا كانت لك حجة شبهة وإن سقطت ولكنك لم تفعل ذلك بل أجبت بجواب عام فقلت فرض الله في الأرجل على العموم الغسل ثم دللت على ذلك عند نفسك بظاهر لفظ النبي(ص)فإذا طعنا في دليلك فركنت إلى التعويل على وضوء واحد للنبي(ص)وضممت إلى ذلك الإجماع بحسب ما توهمت من إلزامنا لك فبينا لك خلافه.
وبعد فما الفرق بينك وبين من سئل عن مسألة في شيء مخصوص فأجاب عن غيره ثم دل على شيء سوى ما أجاب به واعتمد في ذلك فإن قال إنما فعلت ذلك لأبني عليه ما يكون جوابا للسؤال فلم يأت بفصل يذكر
Shafi 24
فصل ثم قال الشيخ رضي الله عنه وفرغنا من الكلام على خبرك ونحن نقابلك بالأخبار التي رواها أصحابك في نقيضه لنستوي في الكلام معك من هذا الوجه أيضا فما تصنع فيما
رواه أصحاب الحديث عن النبي(ص) أنه قام على سباطة قوم قائما ثم استدعى ماء فجاءه بعض أصحابه بإداوة فيها ماء فاستبرأ وغسل وجهه وذراعيه ومسح برأسه ومسح برجليه وهي في النعلين
وكيف تجمع بين هذا الحديث وبين مذهبك في أن من لم يغسل رجليه في الوضوء لم يقبل الله صلاته حسب ما رويته في حديثك.
بل كيف تصنع
فيما رواه أصحاب الحديث في نفس حديثك إن النبي(ص)توضأ بالماء ثلاثا ثم غسل رجليه وقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به
فقال أبو جعفر هذان الحديثان لا أعرفهما هكذا-
وإنماروينا أن النبي(ص)بال في سباطة قوم ثم توضأ
Shafi 25
وروينا أنه توضأ بالماء ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي ووضوء خليلي إبراهيم
فقال له الشيخ (رحمه الله) ينبغي لك أن تنصف وترضى لغيرك بما ترضاه لنفسك نحن سلمنا حديثك وما رويناه قط ولا صححه أحد منا ثم كلمناك عليه وقابلناك بأخبار رواها شيوخك فدفعتها بألواح وقد كان يسعنا دفع حديثك في أول الأمر ومطالبتك بالحجة على صحته فلم نفعل.
فيجب إذا كنت تعمل بأخبار الآحاد أن تنقاد إلى ما تقتضيه ولا تلجأ في إطراح العمل بها إلى القول بأنك لا تعرفها فيسقط بذلك عن خصمك قبول ما ترويه إذا لم يعرفه وهذا إسقاط لنفس احتجاجك واجتناب لأصله.
فقال أبو جعفر الحديث في أنه توضأ بالماء ثلاثا فلا أعرفه إلا فيما رويته أنا وأما الرواية عن النبي(ص)أنه توضأ ومسح على رجليه فقد ثبتت لكنها لم تزد على الرواية بأنه بال.
وليس يمتنع أن يتوضأ الإنسان وضوءا يمسح فيه رجليه ويكون وضوؤه ذلك عن غير حدث-
كما روينا عن علي بن أبي طالب(ع) أنه توضأ ومسح على رجليه وقال هذا وضوء من لم يحدث
Shafi 26
فقال الشيخ (رحمه الله) عليه طالبناك بالإنصاف في أخبار الآحاد التي رواها أصحابك لاحتجاجك بها لا سيما مع تدينك بإيجاب العمل بها وأريناك أن دفاعك لها يبطل احتجاجك على خصومك وقد مر عليه فأجبنا إلى ذلك ثم قبلت أخبارا رويتها أنت من ذلك ودفعت ما رويناه وهذا رجوع إلى الأول في التحكم والمناقضة.
وبعد فإن أكثر الذي رويته عن النبي(ص)في مسح الرجلين يكفي في الحجة عليك وتأولك له بأنه وضوء عن غير حدث يقابله أن غسل النبي(ص)رجليه في ذلك الوضوء إنما كان لرفع النجس فيقابل التأويلان ويتكافأ الاحتجاج الحديثين.
فأما روايته عن أمير المؤمنين(ع)فهو حجة عليك لا لك وذلك أن
قوله(ع) وقد مسح رجليه هذا وضوء من لم يحدث
يفيد الخبر عن إحداث الغسل الذي لم يأت به كتاب بل جاء بنقيضه ولم تأت به سنة فصار الفاعل له بدلا من المسح المفروض محدثا بدعة في الدين ولو لم يكن المراد فيه ما ذكرناه على القطع لكفى أن يكون محتملا له لأن الحدث غير مذكور في اللفظ وإنما هو مقدر في التأويل
Shafi 27
فكأنكم تقولون إن المضمر لم يحدث ما ينقض الوضوء والمقدر عندنا فيه من لم يحدث غير مشروع في الوضوء.
وبقي عليك الحديث الذي
روي أن النبي(ص)توضأ فمسح على رجليه
ولم يفصل فارتج عليه الكلام في
قول أمير المؤمنين(ع) هذا وضوء من لم يحدث
ولجلج فيه ولم يدر ما يقول فأضرب عن ذكره صفحا وقال فأنا أقبل الحديث أيضا أن النبي(ع)قام فتوضأ ومسح على رجليه وهما في النعلين فأقول أنهما كانا في جوربين والجوربان في النعلين كما أقول في القراءة بالخفض إنها تفيد مسح الخفين إذا كانت الرجلان فيهما فصل فقال الشيخ رضي الله عنه هذا كلام بعيد من الصواب متعسف في تأويل الأخبار وذلك أن الراوي لم يذكر جوربين ولا خفين فلا يجب أن يدخل في الحديث ما ليس فيه كما أنا لما سلمنا حديثك لم ننقص منه ما تضمنه ولم نزد فيه شيئا يسهل سبيل دفاعك عن الاحتجاج به ولو قلنا كما قلت
إن النبي(ص)توضأ ومسح على رجليه وقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به
ثم غسلهما بعد ذلك لكنا في صورتك وحالك في الزيادة في الأخبار بل لو قلنا أنه غسل رجليه أولا ثم استأنف الوضوء وإن لم يرو ذلك الراوي لكان كقولك إن كان في رجليه جوربان لم يذكرهما الراوي وكنا نحن أولى بالتأويل الذي ذكرناه منك وفاق
Shafi 28
أفعال رسول الله(ص)ظواهر القرآن وتأولك أنت أقواله وحملك فعاله على نقيض القرآن والزيادة في ألفاظ الأخبار ما لم يذكره أحد بحال.
على أنه لا يعبر بالجوربين عن الرجلين ولا بالخفين عنهما في حقيقة اللغة ولا في مجازها ولم يرو ذلك أعجمي فيكون لك تعلق به بل رواه عربي فصيح اللسان فبطل أيضا حملك الخبر عليه حسب ما بيناه.
فترك الكلام على ذلك كله وقال العرب تقول لمن داس شيئا برجله وفيها جورب أو خف قد داس فلان برجله كذا وكذا وهذه العامة كلها على ما ذكرناه لا يمتري فيه منهم اثنان.
فقال الشيخ ليس مثالك بنظير لدعواك وبينهما عند أهل العقول واللغة أعظم الفرقان وذلك أن الدائس برجله وهي في الجورب أو الخف معد فعل رجله إلى الدوس وليس الماسح على الخف والجورب معديا فعله إلى الرجل بالمسح على الاتفاق فأي نسبة بين ذلك وبين ما تأولت به الخبر على غير مفهوم اللسان.
فقال أبو جعفر والله ما أدري ما التعدي والاعتماد وهذا من كلام المتكلمين وانقطع الكلام على إخباره عن نفسه بأنه لم يفهم غرض الكلام
Shafi 29
فصل قال الشيخ (رحمه الله) وقلت بعد انفصال المجلس لبعض أصحابنا في حل كلام أمير المؤمنين(ع)من قوله هذا وضوء من لم يحدث زيادة لم أوردها على الخصم لأنني لم أوثر اتفاقه عليها في الحال ولم يكن لي فقر إليها في الحجاج وهي معتدة في برهان الحق والمنة لله وذلك أن
قوله(ع ) وقد توضأ فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ومسح برأسه ورجليه هذا وضوء من لم يحدث
لا يجوز حمله إلا على الوجه الذي ذكرناه في حكم الوضوء المشروع الذي لم يحدث فيه ما ليس بمشروع من قبل أنه لو كان على ما تأوله للخصوص من أنه أراد به وضوء من لم يحدث ما يوجب الوضوء لكان لمن لم يجب عليه الوضوء وضوء مخصوص لا يتعدى إلى غيره كما أن لمن توضأ عن حدث وضوءا مخصوصا لا يجوز تعديه إلى سواه.
ولما أجمعوا على أن له أن يتعدى ذلك إلى غسل الرجلين ويكون وضوءا لمن لم يحدث كما يكون المسح وضوءا له بطل تأويلهم إذ ما يختص لا يقع غيره موقعه وفي إجماعهم على ما بيناه من أن من لم يحدث ليس له وضوء بعينه مشروع بطلان ما تعلقوا به في تأويل كلام أمير المؤمنين(ع)ودليل صحة ما ذكرناه منه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد النبي وآله الطاهرين وسلم تسليما كثيرا
![](../Images/1105-logo.jpg)
<http://www.masaha.org>
Shafi 30