قلنا في الفصل السابق إن أول الأسباب التي تضافرت على إهلاك الوليد خلاعته وتفانيه في لهوه وفجوره، ووعدنا في ختامه بالإلمام بطائفة من مخازيه وآثامه، وليس يسعنا أن نبر بهذا الوعد، دون أن نضطر إلى ذكر كثير من الأشياء التي ينبو عنها الذوق، وتأباها الآداب الكريمة، لهذا تجاوزنا عن كثير من فحشه، وألممنا بما يمكننا الإلمام به من مخزيات هي - على شناعتها - أقل ما اقترفه من الدنايا، وهي - على إمعانها في الفجر - أيسر من غيرها وأخف على النفس من سواها. (8-1) أبو الوليد
وإذا صدق القائل:
هذي العصا من هذه العصية
لا تلد الحية إلا حية!
فما أصدق هذا القول، وما أشد انطباقه على الوليد وأبيه معا، فقد حدثنا المؤرخون عن نزعة أبيه إلى اللهو والقصف، وشغفه بحبابة المغنية واشتهاره بذكرها، بما فيه من الكفاية، قالوا:
كان يزيد «أبو الوليد» قد حج أيام سليمان أخيه، فاشترى «حبابة» بأربعة آلاف دينار، فقال سليمان: «لقد صممت أن أحجر على يزيد!»
فلما سمع يزيد ردها فاشتراها رجل من أهل مصر.
فلما أفضت الخلافة إليه قالت له امرأته «سعدة»: «هل بقي من الدنيا شيء تتمناه؟»
فقال: «نعم، حبابة!» قالوا:
فأرسلت فاشترتها وصنعتها، وأتت بها يزيد، وأجلستها من وراء الستر.
Shafi da ba'a sani ba