ولما مات الحارث لم يصل عليه إلا نفر قليل، -وكان موته بعد موت أحمد- لما استقر عند الأمة من أمر أحمد بهجره.
وليس فيمن يقول بقول ابن كلاب خيرا منه. مع أن طائفة نقلت عنه أنه رجع عن ذلك، وقال بقول المثبتة، حتى قال: إن الله يتكلم بصوت. كما نقل ذلك عنه في كتاب «اعتقاد الصوفية» (¬1).
وكذلك الملقب بإمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة (¬2) لما بلغه عن طائفة من أجلاء أصحابه أنهم يميلون إلى طريقة ابن كلاب؛ أنكر عليهم وتقدم بهجرهم حتى جرى لهم معه قصة طويلة ذكرها الحاكم (¬3) أبو عبد الله في «تاريخ نيسابور».
وما زال أئمة السنة والحديث يردون على الكلابية.
وإنما مقالتهم التي فارقوا بها أهل الإثبات: هي إنكار أن يقوم بالرب ما بيناه من أقواله وأفعاله وغير ذلك.
قال المنازعون: فإذا كان القول الذي سميته: «نفي حلول الحوادث به» أنكره السلف والأئمة؛ فأي إجماع يكون لكم في المسألة؟
الوجه الثالث: أن يقال: كون الرب قادرا على هذه الأفعال صفة كمال، وأيضا إذا قيل: كونه لم يزل فاعلا لما يختاره منها صفة كمال. وأما مجرد فعله للواحد المعين؛ فهو كإحداثه لبعض حوادث العالم. كان هذا كلاما مستقيما يدفع الحجة.
Shafi 119