Masalar Gabas
المسألة الشرقية ومؤتمر باريس
Nau'ikan
وكما احتج بالمرستون على معاهدة انكيار سكلسي، فهو يعترض على سياسة محمد علي في فرض المطالب المصرية بالقوة على تركيا، فبالمرستون كان يعتقد في قيمة الدساتير وفي الملكية الخاصة والتجارة الحرة والتطوع في الجندية، وكل هذه الأشياء لم يكن يؤمن بها محمد علي، فهو معضد لسياسة الاستبداد والاحتكارات وحماية التجارة والتجنيد الإجباري. لا عجب إذن إذا حدث الاصطدام بين الرجلين، خاصة وأن بالمرستون لم يكن يرى في محمد علي أكثر من:
An ignorant barbarian who by cunning and boldness and mother-wit has been successful in rebellion. (a) greattyrant and oppressor as ever made a people wretched.
وساعد بالمرستون على تنفيذ سياسته بالنسبة للمسألة المصرية في سنة 1839 أن محمد علي لم يكن يستطيع التنازل عما أخذ، والسلطان يريد الانتقام واستعادة ممتلكاته، ولقد بين بالمرستون لمحمد علي بكل صراحة أن إنجلترا ستقف ضده إذا عمل محمد علي على تنفيذ رغباته وقامت حرب بينه وبين تركيا، وأن الموقف الدولي الأوروبي ليس في صالحه.
كان الدافع الأكبر لبالمرستون في الأزمة المصرية هو مصالح إنجلترا في الشرق، وفكرة التوازن الدولي في الغرب، ولم تكن تخدعه تصريحات روسيا، فهو يعتقد أنها تسعى للتوسع نحو الجنوب، ويرى أنها تحيك الدسائس في تركستان وفارس، وهو يخشى أن يمتد نشاطها إلى الهند؛ ولذا فهو حريص على منع الاتصال المباشر بين روسيا ومحمد علي، ويرى منع الروسيا من التوسع نحو الجنوب ومنع محمد علي من إقامة إمبراطورية عربية تتوسع ناحية الشرق والشمال.
وحين أرسل القيصر قواته الحربية والبحرية لحماية الدولة لم تكن لديه فكرة احتلال دائم أو ضم جزء من أجزاء الدولة لروسيا، وإنما كانت تعليماته لأورلوف
Orlov
إقناع الباب العالي بقبول تحالف روسي تركي دفاعي، وتم ذلك في معاهدة انكيار سكلسي (8 يوليو 1833).
رأت إنجلترا في معاهدة انكيار سكلسي خطرا كبيرا على تركيا، وبالتالي على مصالح إنجلترا في حالة فتح البوسفور للسفن الروسية وإغلاق الدردنيل أمام سفن الدول الأخرى، وكانت إنجلترا تخشى أن تكون هناك مواد أخرى سرية تسمح للسفن الروسية بالوصول إلى البحر المتوسط، وكان يشارك إنجلترا في ذلك الموقف فرنسا بالرغم من إنكار نسلرود لأي مواد من هذا النوع، وكان الباب العالي نفسه يعمل على خلق جو من الشك للاستفادة من النزاع القائم بين الدول الأوروبية.
ولقد احتجت بالفعل إنجلترا وفرنسا على هذه المعاهدة التي كانت تعتقد فيها الدولتان تدميرا لاستقلال تركيا وبسطا لحماية روسيا عليها. رأى بالمرستون بالذات أن صداقة روسيا لتركيا أخطر بكثير من عداوة محمد علي للباب العالي، وعلى أي حال هو يفضل أن يرى في الآستانة السلطان لا محمد علي ولا نيكولاس.
ولذا فبالمرستون أو على وجه أعم إنجلترا ستقف بالمرصاد أمام كل محاولة من شأنها تقسيم الدولة العثمانية أو فرض حماية عليها، سواء أكانت هذه المحاولة من جانب روسيا أو من ناحية محمد علي.
Shafi da ba'a sani ba