والحجة في ذلك، يا بني، فنيرة عند أهل العلم واضحة ظاهرة، وفي كتاب الله ساطعة، قال الله سبحانه: { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة } [النور: 4]، فنظرنا في الإحصان ما هو، فوجدناه على أربعة معان: إحصان الإيمان، وإحصان التزويج، وإحصان الحرية، وإحصان العفة. فلما كان ذلك كذلك اختلف الناس في التي يجب الحد في قذفها أهي المحصنة بالإيمان، أم المحصنة بالحرية، أم المحصنة بالعفة والحرية معا؟ فلم يكن عند القوم في ذلك حجة قاطعة تجمعهم فيه على مقاله واحدة، فافترقوا في ذلك على ثلاثة أقاويل، إذ لم يعرفوا لقول الله وحكمه في ذلك تأويلا، فقال قوم: لاحد إلا على من قذف حرة محصنة بالإيمان. وقال قوم: بل الحد أيضا على من قذف أمة محصنة بالعفة والإحسان. وقال قوم: بل الحد أيضا على من قذف ذمية محصنة بالعفة، والحد يقع بإحصان العفة، فكل عفيفة عن الزنى مجنبة عن هذا المعنى، كائنة من كانت من حرة أو أمة أو ذمية معاهدة فعلى قاذفها الحد الذي جعله الله في قذفها.
Shafi 847