ننشر هنا بعض العادات مضافا إلى ما سبق لنا ذكره:
يكاد ألا يكون هناك اختلاف محسوس في طباع الأحباش يمكن تعيينه، ومن عادتهم أنه إذا حل ضيف دارا، فأول ما يعمله صاحب الدار هو أن يأمر عبده أو عبدته أو ابنه أو ابنته أو زوجته - إن لم يكن له خدم أو أولاد - أن يغسل رجلي الضيف، وعلى الغاسل بعد الفراغ من عمله أن يقبل الرجل المغسولة، أما إذا كان الضيف راهبا أو قسيسا فصاحب الدار هو الذي يغسل رجل ضيفه، كذلك لا يؤكل الطعام إلا بعد أن تذوقه الزوجة أو الخادمة التي أعدته.
ومن غريب عاداتهم أن أعظم ما يكرم به الضيف هو أن تطبخ له دجاجة، ولكن لهم في صنعها شأنا؛ ذلك أنهم يقطعونها قطعا معدودة، ولا يسمح للمرأة بأكل بعضها، كما أنه لا يجوز للرجل أن يأكل القطع التي للمرأة، وإذا نقصت قطعة واحدة فالويل للزوجة، وإما ترمى الدجاجة أو يؤتى بالقطعة الناقصة منها!
والزواج في الحبشة على أنواع كثيرة، فمنه زواج القربان؛ وهو ما يسميه المسيحيون بالإكليل، وهنا تختلف تقاليد الأحباش عن غيرهم من المسيحيين في أن البعض منهم يعاشر المرأة كزوجة سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات، فإذا راقت له أخلاقها عقد عليها بالقربان؛ وهذا نهايته الموت.
والنوع الثاني ما يسمونه «القال كدان»؛ وهو زواج يبدأ باتفاق بين والدي الزوج والزوجة، فيدفع الزوج مهرا من الريالات لا يزيد على ثلاثين يضاف إليها عدد قليل من البقر والدواب من بغال وحمير ... إلخ. ويدفع والد الزوجة مثل هذا المهر ويعيش الزوجان في بيت منفصل عن والديهما، فإذا قام بينهما خلاف احتكما إلى الشيوخ يسعون جهدهم لإصلاح ذات البين، وإلا فطريقة فصلهما هو اقتسام المال وكل ما جددوه في بيتهما بالتساوي، ويحق للزوج في هذا النوع من الزواج أن يرد زوجته حتى للمرة العشرين فأكثر، كما أنه يجوز له أن يضم إليه خادمة أو اثنتين تكونان بمثابة سريتين، يسمون أولاهما «قرد» والأخرى «جن قرد»، وليس للزوجة حق ما في الاعتراض على الزوج. وهذا النوع من الزواج مثل الزواج المدني، وهو أكثر شيوعا من سواه.
ويوجد نوع ثالث؛ وهو الزواج بالماهية وهم يسمونه «قردنة»، وهو يتلخص في أن يتفق الرجل مع المرأة على أن يهبها مربوطا أو معاشا يتفاوت بين عشرة ريالات وعشرين ريالا في السنة مع كسائها وأكلها، وهذا النوع من الزواج كثير الشيوع أيضا.
وهذه الأنواع من الزواج شائعة بين المسيحيين واليهود واللادينيين.
أما الزواج الإسلامي فيكون بحسب النصوص الشرعية.
ومن شروط الزوجية المهمة عند الأحباش قاطبة أن لا ينام الزوج بعيدا عن زوجته، بل أن يحتضنها وأولادهما إلى قربهما حتى ولو كان معهم ضيف، وإذا اتفق أن نام الزوج منفردا كان ذلك دليلا على أنه لا يحب زوجته، فترفع أمرها إلى الشيوخ شاكية سوء فعلته.
وطعام الأحباش مؤلف بالأكثر من البقول الناشفة كالبسلة المطحونة ويسمونها «شرو»، والفول المدمس، والعدس، والحمص؛ لأنهم يصومون نحو ثلثي السنة، وهم يكثرون الشطة في طعامهم حتى يصير لونه محمرا ويصبح حارا، بحيث يتعذر أكله على أحد سواهم. وهم يفضلون أكل لحم ذكور المعز على سواه من لحوم المواشي مع أنهم لا يشربون لبن المعز مطلقا، ويحبون أكل اللحوم النيئة رغما من علمهم بأنها تولد الدود في أمعائهم ويستطيبون أكلها كثيرا، وهم يشربون في كل شهر شربة الدود ويسمونها «كوسو»، ولا يأكلون من الخضر إلا نوعا واحدا يسمونه «قرمن» وهو أشبه بورق الفجل وطعمه.
Shafi da ba'a sani ba