صلى الله عليه وسلم :
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة، سلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، لا إله إلا الله الذي هداني للإسلام، أما بعد، فقد وصلني كتابك يا رسول الله فما ذكرت فيه من أمر عيسى ابن مريم، فورب السماء والأرض إن عيسى ابن مريم لا يزيد على ما ذكرت، ولا علاقة ما بين النواة والقمع، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا وشهدنا بأنك رسول الله صادقا مصدقا، وقد بايعتك بواسطة ابن عمك جعفر وأسلمت على يديه لله رب العالمين، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
ولما قرأ النبي هذا الكتاب قال: «اتركوا الحبشة ما تركوكم.» فمن أجل هذا الأمر هيمن العرب على آسيا وبعض أوروبا، وبلغت طلائع جيشهم أقاصي النيجر وبلاد السنغال والهند وغيرها، ولم يخطر ببال أمراء الإسلام احتلال الحبشة وبسط نفوذهم عليها، بل كانت دول الإسلام وإماراته في سلام ووئام مع الإمبراطورية الحبشية إلى ما بعد القرون الوسطى.
وقد أفتى بعض علماء الصومال الإيطالي ومفتيه بعدم جواز محاربة المسلم للحبشة. (9) الحبشة والجندية
الأمة الحبشية هي أمة جندية، جميع أفرادها على استعداد للقتال، وهو حرفتهم وسجيتهم.
وقد أنشأ الإمبراطور هيلا سيلاسي جيشا باسم الحرس الإمبراطوري قام بتدريبه ضباط سويسريون وبلجيكيون وسويديون، وعدده ستة آلاف، وبه وحدات من البيادة والسواري والطبجية، وله بنادق عصرية ومجهز بمدافع كبيرة وصائدات للطائرات.
ولكل رأس من رءوس الحبشة «حكامها» حرس أو جيش لا يقل عدده عن ربع مليون وجيش غير نظامي لا يقل عن نصف مليون، ولدى إمبراطور الحبشة طائرات وذخائر.
ويقول الأديب محمد عبد الرحيم: ليس للإمبراطورية الحبشية نظام مخصوص للجندية كنظام القرعة العسكرية المصرية أو كنظام التطوع لدى الدول الغربية، بل تطلب الجنود من الولايات، كل بحسب سعة الولاية وضيقها، والجيش العامل في حفظ الأمن في وقت السلم 200 ألف جندي، أما في وقت الحرب فتصبح الجندية فرض عين على كل رجل يستطيع حمل السلاح. والأحباش أكثر العالم شغفا بالحروب وأسرعهم قبولا لويلاتها، وقد دلت التجارب على أن الشعب الحبشي إن هو إلا بركان ثائر يحركه الإمبراطور بسبابته متى شاء، هكذا كان في غارته على مملكة سنار وفي حربه للحملة المصرية التي كان يقودها السردار محمد راتب باشا في سنة 1292، وكذا في واقعة القلابات سنة 1306 وواقعة عدوة في سنة 1895، أما القيادة العامة فللإمبراطور نفسه. والذي يراجع تاريخ الحبشة قل أن يرى إمبراطورا مات حتف أنفه كما حدث للإمبراطور ياهنس الرابع أي «يوحنا» الذي قتله أنصار المهدية وخلافه من أسلافه ؛ إذن فليس بغريب عزم جلالة الإمبراطور هيلا سيلاسي على تولي زمام القيادة في الحرب المزمع نشوبها، فما أجود الجندي بروحه عندما يرى مليكه يسير تحت قساطل الجيوش للذود عن الأمة! ولا غرو أن هذه أعظم محرك لحماس الأحباش في حروبهم المتواصلة التي كانت تكلل بالنجاح.
وقد قرر الإمبراطور إلباس 200000 جندي الملابس العسكرية، وتناول 15000 منهم طعام الغذاء مع الإمبراطور في قصره في شهر أغسطس سنة 1935، وأكثر الجنود حفاة، وأكثر أسلحتهم بنادق قديمة، ولكنهم يجيدون الرماية. (10) ولايات الحبشة
Shafi da ba'a sani ba