والشروط العُمرية (١) التي كانوا ملتزمين بها:
١- أن لا يتخذوا من مدائن الإسلام ديرًا ولا كنيسة ولا قُليّة (٢) ولا صومعة لراهب، ولا يجددوا ما خرب منها.
٢- ولا يمنعوا كنائسهم التي عاهدوا عليها أن ينزلها المسلمون ثلاثة أيام، يُطعموهم، ويؤووهم.
_________
(١) نسبة إلى عمر بن الخطاب ﵁، لأنه شرطها على أهل الكتاب في الشام بمحضر من المهاجرين والأنصار، وعليها العمل عند أئمة المسلمين الحديث (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ) . والحديث (اقتدوا بالذين من بعدي: أبي بكر وعمر)، فصار هذا إجماعًا من الصحابة الذين لا يجتمعون على ضلالة وقد ذكر هذه الشروط أئمة العلماء من أهل المذاهب المتبوعة في كتبهم واعتمدوها. وهذه الشروط ما زال يجددها عليهم -أي على النصارى - من وفقه الله تعالى من ولاة أمور المسلمين. كما جدد عمر بن عبد العزيز، وبالغ في اتباع سنة جده عمر بن الخطاب ﵄، وجددها هارون الرشيد، وجعفر المتوكل وغيرهم، وأمروا بهدم الكنائس التي ينبغي هدمها كالكنائس التي بالديار المصرية كلها.
وهذه الشروط ليست ظلمًا لهم، ولكن لإذلالهم وإعزاز الدين ورفعه. ففي سنن أبي داود عن العرباض مرفوعًا (إن الله لم يأذن لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن، ولا ضرب أبشارهم، ولا أكل ثمارهم، إذا أعطوكم الذي عليهم) .
وكان عمر بن الخطاب ﵁ -يقول: أذلوهم ولا تظلموهم.
وعن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب الرسول عن آبائهم عنه ﷺ أنه قال: (ألا من ظلم معاهدًا وانتقصه حقه، أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة) مختصر من الفتاوى ٢٨/٦٥١- ٦٥٧.
وهي والله شروط تبين عزة الدين، وشموخه ورفعته، بإعزاز أهله له وقيامهم به حقًا وصدقًا، اللهم أرض عنهم وأجزل مثوبتهم واجمعنا بهم، وارحم يا مولانا حالنا وضعفنا وهواننا على الناس -آمين.
(٢) في بعض الروايات ولا قلاية لراهب. قال في اللسان: ابن الأثير في حديث عمر-﵁ -لما صالح نصارى أهل الشام كتبوا له كتابًا: إنا لا نحدث في مدينتنا كنيسة ولا قلية ولا نخرج سعانين ولا باعوثًا. القلية كالصومعة، قال كذا وردت، واسمها عند النصارى، القلاية وهي تعريب كلاذة وهي من بيوت عبادتهم. والسعانين عيد للنصارى قبل عيد الفصح بأسبوع يخرجون فيه وأمامهم الصليب، والباعوث هو صلاة الاستسقاء للنصارى.
1 / 134