Mas'ala al-Iman: A Foundational Study
مسألة الإيمان دراسة تأصيلية
Nau'ikan
ومن هنا قال الحافظ بن رجب في جامع العلوم والحكم:
«قال المحققون من العلماء: كل مؤمن مسلم، فإن من حقَّق الإيمان، ورسخ في قلبه، قام بأعمال الإسلام، كما قال ﷺ «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» فلا يتحقق القلب بالإيمان إلا وتنبعث الجوارح بالأعمال.
وليس كل مسلم مؤمنًا، فإنه قد يكون الإيمان ضعيفًا فلا يتحقق القلب به تحقيقًا تامًا، مع عمل جوارحه أعمال الإسلام فيكون مسلمًا، وليس بمؤمن الإيمان التام» اهـ (١) .
*ومعنى افتراقهما: أن يأتي أحدهما في نص دون الآخر، فعندئذٍ يكون أحدهما بمعنى الآخر، فالإسلام هو الإيمان والعكس صحيح.
ولهذا أدلة كثيرة في الوحيين:
-منها قوله تعالى في سورة آل عمران: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى الأَخِرَةَ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: ٨٥] .
-وفي أولها قوله سبحانه: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ﴾ [آل عمران:١٩] .
فاقتضينا أن الدين عند الله الإيمان، ومن يبتغ غير الإيمان دينًا فلن يقبل منه.
-ومنه قوله تعالى في خطابه للمؤمنين في آيات كثيرة: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا﴾ [البقرة:١٠٤] فإن الخطاب أيضاَ متوجه للذين أسلموا ولما يدخل الإيمان في قلوبهم، مما يدل على تناول أحدهما الآخر عند الانفراد.
-وحديث أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: «الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان» متفق عليه واللفظ للبخاري (٢) وفي لفظ آخر لهما «الإيمان بضع وسبعون» .
_________
(١) جامع العلوم والحكم، شرح الحديث الثاني: حديث جبريل المشهور (٢٨)، وانظر منهج الحافظ ابن رجب (٤٢٨) وما بعدها.
(٢) أخرجه البخاري موصولًا في كتاب الإيمان – باب أمور الإيمان (٩)، ومسلم في الإيمان أيضًا – باب بيان شعب الإيمان وأفضلها وأدناها (٣٥) .
1 / 22