-28- والوجه الثاني : أن تكون (ما) زائدة ، و( إن ) بمعنى نعم ، وزيادة ( ما ) كثير ، قال الله تعالى : [ فبما نقضهم ميثاقهم ] (1) وقال الله تعالى [ فبما رحمة من الله ] (2) ، ووقوع ( إن ) بمعنى نعم كثير أيضا ، فمنه قوله تعالى : [ إن هذان لساحران ] (3) في أحد القولين (4) ومنه قول ابن الزبير ، حين قال له رجل (5) : لعن الله ناقة حملتني إليك ، فقال : إن وراكبها ، وهو كثير في الشعر ، فإن قيل : إنما يجيء ذلك بعد كلام تكون ( إن ) جوابا له ، ولم يسبق ما يجاب عنه بنعم ، قيل : إن لم يسبق لفظا ، فهو سابق تقديرا ، فكأن قائلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أيرحم الله من عباده من يرحم الخلق وإن كان مقصرا فيما بينه وبين الله ؟ فقال : نعم ، وهذا مما يجوز أن يسأل عنه ، لأن تقصيره فيما بينه وبين الله ربما أوهم أنه لا يمحى برحمته للخلق ، وعلى هذا الوجه أيضا لا يجوز في الرحماء غير النصب 0
... وأما الرفع فجائز جوازا حسنا ، وفيه عدة أوجه :
أحدها : أن تكون ( ما ) بمعنى الذي ، والعائد إليها محذوف ، والرحماء خبر ( إن ) ، والتقدير : إن الفريق الذي يرحمه الله من عباده الرحماء ، فإن قيل : يلزم من ذلك أن تكون ( ما ) ههنا لمن يعقل ، ففيه جوابان :
أحدهما : أن ( ما ) قد استعملت بمعنى ( من ) فمن ذلك قوله تعالى : [ ما طاب لكم من النساء ] (6) ومنه قوله تعالى : [ والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ] (7) وهو كثير في القرآن ، ومنه [ والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ] (8 في أصح القولين (9) ، وحكى أبو زيد عن بعض العرب : سبحان ما سبحتن (له ) (10) ، وسبحان ما سخركن لنا 0
Shafi 13