قال أحمد بن يحيى صلوات الله عليهما: نبلوكم بالشر نهيا عنه، وبالخير أمرا به، والبلوى امتحان، والفتنة تخرج في كتاب الله جل ثناؤه على عشرة وجوه في القرآن:
الوجه الأول: من الفتنة يعني به الشرك، وذلك قوله: { قاتلوهم حتى لا تكون فتنة } . ويكون الدين لله نظيرها في الأنفال حيث يقول: { قاتلوهم حتى لا تكون فتنة } . يقول حتى لا يكون شرك ويكون الدين كله لله، وقال سبحانه في البقرة: { والفتنة أكبر من القتل } . يعني الشرك بالله أعظم جرما عند الله من القتل في الشهر الحرام، ونحوه كثير.
والوجه الثاني: فتنة يعني بها الكفر وذلك قوله عز وجل في آل عمران: { ابتغاء الفتنة } . يعني الكفر، وكقوله سبحانه: { إلا في الفتنة سقطوا } . يعني الكفر، وكقوله تبارك اسمه في سورة النور: { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة } . يعني كفرا، وكقوله عز وجل في سورة الحديث: { ولكنكم فتنتم أنفسكم } . يقول كفرتم وشبهتم على أنفسكم، وكذلك كل فتنة في المنافقين واليهود.
الوجه الثالث: يعني به بلا، وهو المحنة فذلك قوله تبارك وتعالى في العنكبوت: { ألم أحسن الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم } . يعني ولقد ابتلينا الذين من قبلهم.
وقال لموسى صلى الله عليه: { وفتناك فتونا } . يعني ابتليناك، لأن الله عز وجل لا يفتن نبيه، وإنما يريد بالفتنة للنبي صلى الله عليه المحنة.
وفي حم الدخان { ولقد فتنا الذين من قبلهم } . يعني ولقد امتحنا الذين من قبلهم، يعني قوم فرعون.
والوجه الرابع: يعني به العذاب، وذلك قوله عز وجل: { فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله في الآخرة } . نزلت في عباس بن ربيعة أخي أبي جهل لعنه الله الآية، نظيرها في النحل حيث يقول: { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا } . يعني من بعد ما عذبوا في الدنيا.
Shafi 22