ومنها حديث: "أكْرِمُوا الخُبْزَ، فَإِنَّ كَرَامَةَ الخُبْزِ أن لاَ يُنْظَرَ بِهِ الأُدُمُ" أخرجه الحاكم في المستدرك (١) من حديث عائشة، وأخرج ابن ماجه (٢)
من وجه آخر عن عائشة قالت: "دخل النبي ﷺ تسليمًا عليّ فرأى كسرة ملقاة فأخذها يمسحها، ثمّ أكلها وقال: يَا عَائِشَةُ! أَكْرِمي نِعَمَ اللهِ، فَإِنَّهَا مَا نَفَرَتْ عَنْ قَوْمٍ قَطّ فَعَادَتْ إِلَيْهِمْ" وسنده ضعيف، ولم أر في شيء من طرقه أنّه قبّلها، ومداره على
_________
(١) أخرجه الحاكم (٤/ ١٣٦) بلفظ: "أكرموا الخبز، وإنّ كرامة الخبز أن لا ينتظر به، فأكله وأكلنا"، وقال: هذا الحديث صحيح الإسناد، ولم يخرّجاه، وأقرّه الحافظ الذهبي، لكن قال: قلت: المرفوع منه "أكرموا الخبز".
(٢) أخرجه ابن ماجه (٣٣٥٣) بلفظ: "أكرمي كريما فإنّها ... "، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (٤/ ٣١): هذا إسناد ضعيف، لضعف الوليد بن محمد الموقري أبو بشر البلقاوي؛ وهذا تساهل، قال الحافظ فيه في التقريب: متروك؛ وقد ورد من طرق أخرى كلّها ضعيفة. انظر الإرواء (١٩٦١)؛ وللحديث شواهد أخرى، لكنّها ضعيفة أو موضوعة.
قال الحافظ السخاوي ﵀ في "المقاصد الحسنة" (ص ٩٨): "وفي الجملة، خير طرقه الإسناد الأوّل على ضعفه، ولا يتهيّأ الحكم عليه بالوضع مع وجوده، لا سيما، وفي المستدرك للحاكم من طريق غالب القطان عن كريمة ابنة همام عن عائشة أنّ النبي ﷺ قال: "أكرموا الخبز"، حسب، قال شيخنا (يعني الحافظ ابن حجر): فهذا شاهد صالح"، ومال إلى تصحيح رواية الحاكم أيضًا الشيخ الألباني ﵀ فقال في الضعيفة (٦/ ٤٢٤): "وجملة القول: إنّ الحديث ضعيف من جميع طرقه، لشدّة ضعف أكثرها، وإضراب متونها، اللهمّ إلاّ طرفه الأول: "أكرموا الخبز"، فإنهّ النفس تميل إلى ثبوتها، لاتّفاق جميع الطرق عليها، ولعلّ ابن معين أشار إلى ذلك بقوله: أوّل هذا الحديث حقّ، وآخره باطل، ولأنّ حديث عائشة يمكن اعتباره شاهدًا له، لا بأس به، لخلوّه من الضعف الشديد، بل قد صحّحه الحاكم والذهبي كما تقدّم، ونقل الحافظ السخاوي في "المقاصد الحسنة" عن شيخه أنَّه قال فيه: فهذا شاهد صالح، والله ﷾ أعلم".
1 / 22