الصعوبات التي واجهت هذا العمل
أحمد الله سبحانه وتعالى الذي يسر لي الوصول إلى ما تضمنه هذا الكتاب والحصول على ثقة وتعاون الإخوة والآباء الكرام أصحاب المكتبات، في مثل هذه الظروف التي ساد فيها الشك والحذر والريبة والتوجس والتهيب من أي طارق أو سائل عن الكتب والمخطوطات، وحق لأصحاب المكتبات الخوف على مخطوطاتهم في ظل هذا التكالب والتهافت المحموم والإقبال الشديد على شراء المخطوطات والتحف والآثار من عدة جهات أجنبية، ومن سماسرة ووسطاء وتجار يمنيين يعملون لحسابها، وينتشرون في أغلب المناطق، يتتبعون مواقع المخطوطات، ويستغلون حاجة وفقر أفراد الأسر، ويعرضون الأثمان المغرية للمجلدات ذات الأهمية التاريخية أو القيمة الفنية، ولما تقع عليه أيديهم من مخطوطات بالدولار، ليبيعوها بعد ذلك بأضعاف أثمانها وتتسرب إلى خارج البلاد وإلى جهات وشخصيات مجهولة تعمل على نهب التراث بكل الوسائل والمغريات.
أقول أحمد الله على ما حققته في هذا الكتاب الذي أرجو أن يخدم الباحثين وطلاب العلم والمعرفة، وفي سبيل هذا الهدف تهون كل الصعوبات التي لعل من أهمها:
1- توجس وريبة وحذر أصحاب المكتبات وخوفهم على محتوياتها، مما جعل الكثير وإلى اليوم يتكتمون عليها وينكرون وجودها، أو يقللون من حجم محتوياتها، للأسباب السالفة ولتجارب مرة خاضوها مع جهات ومؤسسات وشخصيات أخذت بعض المخطوطات بهدف طباعتها أو تصويرها أو الاستفادة منها ولم يعيدوها إلى أصحابها، ولما يسمعونه من إشاعات أن بعض الجهات الرسمية تريد تسجيل المخطوطات بهدف اصدار قانون لمصادرتها وضمها إلى المكتبات العامة أو لأسباب خاصة عديدة، مما جعل مهمة الحصول على موافقة أصحاب المكتبات على تصنيفها وفهرستها أشد وأهم الصعوبات التي واجهتني، ولولا المعرفة الشخصية، والاطمئنان إلى نبل المقصد، وتزكية بعض الآباء العلماء ووساطة بعض الشخصيات الاجتماعية لما تمكنت من فهرسة كثير من المكتبات.
2- مشاق ونفقات الرحلات المتعددة إلى مناطق المكتبات، وانعدام المرافق المساعد للكتابة أحيانا، وتعبه وارهاقه أحيانا، مما اضطرني إلى الاستعانة ببعض أفراد الأسر المالكة للمكتبات ليكتب ما أمليه عليه، أو يعد صفحات هذا المخطوط، أو يقيس حجمه، أو يقربه إلى مجلسي، وهنا لا أنسى شكر وتقدير كل من رافقني أو ساعدني في هذا العمل، ومنهم الولدان الباران محمد وعبد الله عبدالسلام والأخ نبيل بن محمد العزي المتوكل، والأستاذ العلامة عبدالله بن حمود درهم العزي الذي فهرس مكتبة الإمام الهادي، أما الأستاذ العلامة خالد بن قاسم بن محمد المتوكل والأستاذ الفاضل أحمد بن محمد بن عباس إسحاق فلا أستطيع أن أوفيهما حق الشكر، فأسأل الله سبحانه أن يجزيهما عني خير الجزاء فيما بذلاه من مجهود في تصحيح هذا العمل، وكذلك الأخوان عبد الحفيظ بن حسن النهاري، وعبد الرحيم الزيلعي اللذان بذلا جهودا جبارة في التنسيق والإخراج، وفي مقدمة الجميع الجنود المجهولون في مؤسسة الإمام زيد الذين لولاهم لما ظهر هذا العمل.
3- صعوبات تسجيل وتصنيف المخطوطات في بعض المكتبات الكبيرة المحتوى، فقد كانت بعض المجاميع تستغرق الكثير من الوقت والجهد لتقليبها وتسجيل محتوياتها، مع ضيق الوقت المتاح للإنجاز، والحياء من أصحاب المكتبة الذين نشغلهم عن أعمالهم وأسرهم، وهذا وحده جعلنا كما أشرت نقتصر على أهم المعلومات عن المخطوط ونهمل عد الصفحات غير المرقمة في أغلب المخطوطات، ونهمل أيضا قياس حجم المخطوط وبعض المعلومات مثل عدد الأسطر في الصفحة ومتوسط عدد الكلمات، وأحيانا لا نقدر على تسجيل فقرات من أول المخطوط وآخره فاكتفينا بما تيسر خصوصا في الكتب المعروفة المؤلف والعنوان.
4- كذلك صادفتني صعوبة التعرف على كثير من المخطوطات التي فقدت تجليدها وأغلفتها وتعرضت لتمزيق من أولها وآخرها فرجعت في أكثرها إلى المعرفة السابقة، والتخمين أحيانا بكلمة (لعله)، وسؤال أهل العلم في البعض الآخر، وأحيانا الاكتفاء بعنوان (كتاب مجهول) في الفقه أو الأصول أو الحديث أو غير ذلك.
ومن الصعوبات أيضا محاولات التعرف على نوع الخط وتاريخ النسخ لاختلاف النساخ وتعددهم في المخطوط الواحد، ولأن بعض الصفحات المفقودة من أول المخطوط وآخره كتبت بخط مختلف عن خط الأصل وقد أشرت إلى ذلك في مواضعه.
كما أن اختلاف العناوين أحيانا لاجتهاد بعض النساخ واختصار اسم المؤلف أو الغلط فيه كان من الأمور التي أربكتني.
Shafi 16