326

Fitilun Satica

المصابيح الساطعة الأنوار

ثم قال سبحانه: ((إن جهنم كانت مرصادا (21))) والمرصاد: فهو المرصد، فأراد بقوله: ((مرصادا)) أي أنهم يرصدون لجهنم، وأنها لهم مرصدا، أي مكانا وموضعا لا معدل لهم عنه، ولا منحرف لهم منه، ولا مصرف ولا مراغ، ولا ملاذ سواها ولا مساغ غيرها، وفي ذلك ما تقول العرب: مرصد فلان مكان كذا وكذا تريد مكانه الذي يرصد فيه.

ومعنى يرصد: هو ينتظر فيه حتى يأتيه ويصير إليه فيصادفه فيه راصده، ويجده فيه طالبه، وهو المكان الذي لا مراغ له عنه، ولا يوجد إلا فيه، فأراد سبحانه بقوله: ((كانت مرصادا)) أي كانت مكانا وموئلا لابد للطاغين منه ، ولا منصرف لهم عنه.

ألا تسمع كيف بين سبحانه بقوله: ((للطاغين مآبا (22))) أي للعاتين الجبارين المكذبين معادا وموئلا ومكانا ومقرا يأوون فيه، ويصيرون إليه، والأوب: فهو الرجوع، والمآب: فهو المكان الذي يصار فيه، ويرجع إليه.

((لابثين فيها أحقابا (23))) فاللابث: هو المقيم، ومعنى ((لابثين)) فهو مقيمون الأحقاب: فهو الدهور الدائمة، وقد قيل: إن واحد الأحقاب حقب، وإن الحقب ثمانون سنة، فإن يكن ذلك كذلك فهي أحقاب متوالية متواترة متصلة لا آخر لها ولا انقطاع، ولا فراغ لمدتها ولا فناء؛ لأن الله سبحانه ذكرها أحقابا، ولم يذكر لها غاية ولا مدى، فدل بذلك على أنها أبدا دائما سرمدا.

Shafi 341