قلت: إنما مذهبُ مالك كراهةُ ذلك، لا تحريمه، هذا الذي عليه الفتوى عند علمائنا.
(مَن وراءكم): -بفتح مَنْ- في البخاري، وبكسرها عند ابن أبي شيبة (١).
قال ابن المنير: وفيه حجة للعمل بخبر الواحد، وقول المعترض في الاحتجاج ببعث رسله ﵇ إلى الآفاق، وهم آحاد: أنهم كانوا حكامًا ونوابًا عنه، وحكمُ الواحد مقبول، والشأن في خبره ساقط هنا؛ لأن الوفد جاؤوا متعلمين لأنفسهم، ومتطوعين بالنقل إلى قومهم، فخبرهم حينئذ خبر (٢) واحد حقيقة.
* * *
باب: مَا جَاءَ أَنَّ الأَعْمَالَ بالنِّيَّةِ وَالْحِسْبَةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَدَخَلَ فِيهِ الإِيمَانُ، وَالْوُضُوءُ، وَالصَّلاَةُ، وَالزَّكَاةُ، وَالْحَجُّ، وَالصَّوْمُ، وَالأَحْكَامُ
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾ [الإسراء: ٨٤]: عَلَى نِيَّتِهِ، "نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا صَدَقَةٌ"، وَقَالَ: "وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ".
(الأعمال بالنية): أي: تُعتبر أو تصح (٣) أو تُجتلب، والأول أعم فائدة.
وقيل: الأولى تقدير: واقعة؛ لأنه على القاعدة المطَّرِدة، وهذا مسلَّم في تقدير ما يتعلق به الظرف مطلقًا مع قطع النظر عن صورة خاصة.
(١) رواه مسلم (١٧/ ٢٤) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، به.
(٢) في "ج": "وخبر".
(٣) في "ع": "أو تتضح".