المصباح الأول في صدر الكتاب، والبيان عن العلة الداعية إلى تقديم المقدمات وترتيبها على ما رتبت عليه في برهان واحد.
البرهان الأول:
نقول: إن الأشياء كلها لا تخلو من أصول يرجع إليها في إثباتها، ومن علل تتقدم عليها، وبها تصح أعيانها، ومن قوانين عليها تكلم في إيجابها، ومتى لم تكن تلك القوانين ممهدة، ولا تلك العلل مقررة، ولا تلك الأصول مثبتة (1)، كان الكلام على فروعها غير مفهوم ولا معلوم، وكان يعرض تسرع السامع إلى دفعها لاشتباه القواعد عليه فيها.
وإذا كانت الأصول مثبتة (2)، والعلل مقررة، كان إيجاب الفروع لازما لا محيص عنه، كالنار التي هي علة الاحراق والاسخان متى وجدت كان إحراقها وإسخانها واجبا لازما لا ينكر (3).
Shafi 23