الأوصاف فلا علي إذا ضحكت على غيري. قال العادل: يعرف الجاهل بثلاث علامات أولها، أن يرى نفسه عاريًا عن العيوب ثانيها، أن يرى نفسه أنه أعلم من غيره ثالثها، أن يغتر بعلمه ويتصور أنه انتهى في ذلك إلى أعلى المراتب، وقالت الحكماء: إذا رأيت نفسك طاهرًا من دنس العيوب وطالبًا عيوب غيرك فأعلم أنك غارق في العيوب ومتدنس بأوساخ المساوئ وأعلم أنك لا تشم رائحة الفضل الموجب للتقدم ما دمت ترى لنفسك مقدارًا، ولكن كن في تفقد عيوبك حريصًا لتفقد عدوك. قال الرئيس: لقد صدقت ونصحت فجزاك الله عني خيرًا وقد وقع الخطأ على سبيل الغفلة وقد خرج هذا الأمر مني على سبيل السهو وهو كالسهم إذا له رد وكيف يدر الحالب اللبن، ولكن الذنب غير المستمد المار لا يستحق صاحبه العقوبة ولا الدمار وإنما أنا أحمد الله من أجل أنك رفيقي وصاحبي ونصيحتي وأرجو منك أن لا تفض ختام هذه الهفوة عني، فقد قالت الحكماء: السر لا يستقر إلا في صدر محب وأنت محب وشفوق. فقال العادل: من علامات الجهل شيئان أحدهما أن أحدهما أن تقرض مالك ثم تتقاضاه بالعنف، والثاني أن تودع سرك لمن يحتاج أن تتضرع إليه وتحلفه أن يكتمه ولا يبديه وقد قيل:
وإذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه ... فصدر الذي يستودع السر أضيق
وقالت الحكماء لا تستودع أحدًا سرك فإن كتمان السر ثقيل يتولد منه هم وعيا وإفشاؤه هلاك وبلا وقد قيل:
كل سر جاوز الاثنين شاع ... وكل علم ليس في القرطاس ضاع
والمراد بالاثنين الشفتين وناهيك بقصة الحرامي مع البرغوث
1 / 63