هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله وهو قد أحكم ما هو عليه وأنتم عن طريقه غافلون وعن علومه ذاهلون) وقال بعض أهل الفضل: ما ناظرت ذا فنون إلا وغلبته وما ناظرني ذو فن إلا وغلبني وأنا أخشى إن ناظرت هذا الرجل أن تفتضح معه ولا تحصل معه على طائل ويظهر فضله وقصورك. فقال الوزير: نعم ما قال مولانا الرئيس وأنا أيضًا أخشى من ذلك وتصير هذه الواقعة كواقعة بزرجمهر الحكيم وزير خسرو مع مخدوم كسرى فقال العفريت: أخبرني بتلك الحادثة.
فقال الوزير بلغني أن بزرجمهر الحكيم كان فريد وقته في الطب والحكمة وكان مقربًا عند مخدومه كسرى وكان كل يوم يجيء إلى الخدمة قبل أن يطلع الفجر فيجد مخدومه نائمًا فيفزعه من نومه ويقول له ما معناه تيقظ لتظفر بمطلوبك فإن التبكير أنجح وكان كسرى يجد لهذا الإزعاج ألمًا لما كان يطيل السهر في اللهو ولا ينام إلا وقد مضى من الليل جانب عظيم ومقدار جسيم فلا شك أنه يتأخر في النوم إلى الصباح، فلما طال ذلك من الوزير أرصد له جماعة من الخدم في طريقه ليأخذوا قماشه وهو مبكر في وقت الغلسة إلى القيام بخدمة مخدومه فرجع إلى بيته ولبس ثيابًا غيرها فتأخر عن ميعاده إلى وقت الضحوة ورجع فوجد مخدومه منتصبًا في ديوان الحكم فقال له: ما بال الوزير جاء اليوم متأخرًا على خلاف عادته، فقال إن اللصوص قد قبضوا علي ونزعوا ثيابي فلزم من ذلك أن رجعت ولبست ثيابًا غيرها فوقع التأخير مني بسبب ذلك، فقال له كسرى: الآن ظهر عكس ما كنت تقوله من أن التبكير سبب للنجاح وحصول المقصود وما أراد في تبكيرك إلا حصل لك النقص والخسران، فقال له إن اللص بكر إلى مقصوده قبلي فحصل له الظفر بمقصود فظهرت نتيجة كلامي ولم أبكر
1 / 51