وجئت به لكان لنا ذخيرة عدة أيام فإذا اقتضى رأيك ذهبت إليه فقال الذئب نعم هذا عين المصلحة فأفعل ما بدا لك وتوجه ابن آوى إلى بعض الجهات فوصل إلى طاحون وإذا بحمار أوسقوه حملًا قد قصم ظهره فطرحوا الحمل عنه وأرسلوه يرعى فتقدم إليه ابن آوى وسلم عليه معرفة وأظهر له التودد وسأله عن خاله وتوجع له مما يقاسيه ويعانيه من جفاء بني آدم والأحمال الثقيلة وأخذ يلومه على الصبر على ذلك وقال إلى متى تبقى على هذا الذل وتقاسي الجوع والعطش وتذوب تحت الحمل الثقيل كما قيل شعر:
ولا يقيم على ضيم يراد به ... إلا الأذلان عير الحي والوتد
هذا على الخسف مربوط برمته ... وذا يشج فلا يرثى له أحد
فقال: يا أخي لو لقيت لي ملجأ أو مهربًا أو مكانًا اختفي فيه كنت أويت إليه وتخلصت من هذا العناء العظيم والشقاء الجسيم فقال له ابن آوى: أنا عرف في هذا القرب أجمة تفرح رياضها وتزهر غياضها وأنا ساكن فيها وهي آمنة من الوحوش والسباع حصينة من الأذى والشور فإذا اقتضى رأيك ذهبت بك إليها فإن أعجبتك سكنتك فيها وكفيت منى من أحسن الجوار ما تحمد عاقبته وتعيش باقي العمر في عيش وحياة هنيئة ويستأنس كل منا بالآخر ومن أين نجد رفيقًا مثلك وصاحبًا هنيئًا نظيرك؟ فلما سمع الحمار هذا اللام أثر فيه ورغب في الخلاص من الشقاء الذي قد آلمه فسلم زمامه إلى ابن آوى وعجلا في المسير لئلا يشعر بهما أحد فصار الحمار يعدو وابن آوى يلاحقه فتعب ابن آوى فعكس المسألة وقال للحمار اصبر يا أخي حتى أحملك وأسير بك لئلا يلحقنا أحد فقال الحمار: أنت ما يمكنك أن تحملني ولكن أنا
1 / 30