اجلس إنما أنت أعرابي لا علم لك ... "١.
وقد روى ابن جرير عن عبد الله بن أبي بكر: "أن الحليس غضب عند ذلك، وقال: يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم ولا على هذا عاقدناكم أن تصدوا عن بيت الله من جاء معظمًا له، والذي نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد، قال: فقالوا: مه، كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به"٢.
فهذا الموقف من رسل قريش معها - إلى جانب ما أحدثته البيعة في نفوسها من ذعر - كان السبب في انصياعها وقبولها الصلح.
١ مسند أحمد ٤/٣٢٤، وتقدم طرف من أوله مع سنده برقم (٣٦) .
٢ تاريخ ابن جرير الطبري ٢/٧٥، وتقدم سنده والكلام عليه برقم (٧٢) .
المبحث الثاني: الشروط التي تم عليها الصلح:
كانت قريش قد ألجأت إلى الصلح إلجاء لأنها لا تريد أن تعترف بالمسلمين كندٍ لها يواقفونها جنبًا إلى جنب، فيتحدث الناس بذلك عنها.
أما رسول الله ﷺ فكان يهدف من وراء الصلح إلى تحقيق مصالح للدعوة بعيدًا عن السمعة والأغراض الشخصية.
وما كانت تلك الشروط التي وقع عليها الصلح إلا صورة عاكسة لذينك الموقفين.
فقد جاء في حديث المسور ومروان من طريق معمر ما نصه:
"فجاء سهيل بن عمرو فقال هات اكتب بيننا وبينكم كتابًا، فدعا النبي ﷺ الكاتب فقال النبي ﷺ: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل: أما (الرحمن) فوالله ما أدري ما هي، ولكن اكتب (باسمك اللهم) كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا (بسم الله الرحمن الرحيم) فقال النبي ﷺ: اكتب (باسمك اللهم)، ثم قال: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب: (محمد بن عبد الله)، فقال النبي ﷺ: والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب (محمد بن عبد الله) قال