صلى الله عليه وسلم
قد أرسل بشيرا ونذيرا وشاهدا على أمته وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا؛ كما نص الله عز وجل ذلك في سورة الأحزاب.
وأريد أن أبين في هذا الفصل أن ما ثبت من سنة النبي قولا وعملا إنما هو خلاصة تبشيره وإنذاره وشهادته ودعوته إلى الله، وأن أبين أيضا أن النبي كان كما أشرت إلى ذلك في أول هذا الكتاب معلما حياته كلها منذ بعث إلى أن آثره الله بجواره. كان يتلو القرآن على المسلمين ويفسر لهم منه ما يحتاج إلى تفسير، ويفصل لهم منه ما كان مجملا يحتاج إلى التفصيل، وكان يعلم أحيانا عن أمر الله له في القرآن نصا. فالله يأمره أن ينبئ عباده بأنه هو الغفور الرحيم وبأن عذابه هو العذاب الأليم، وذلك في قوله من سورة الحجر:
نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم .
ويأمره أن يقول لعباده إن سألوه عن الله إنه قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ويأمرهم أن يستجيبوا له ويؤمنوا به لعلهم أن يرشدوا، وذلك في قوله من سورة البقرة:
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون .
ويأمره أن يقول لعباده الذين يسرفون على أنفسهم باقتراف الذنوب: لا تقنطوا من رحمة الله؛ لأنه يغفر الذنوب جميعا، ولأنه هو الغفور الرحيم. وذلك في قوله من سورة الزمر:
قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم .
وفي غير آية من القرآن الكريم يأمر الله النبي أن يعلم عباده أشياء كثيرة مما يريد أن يعلموها، سواء في ذلك ما كان أمرا لهم بالخير، أو نهيا لهم عن الشر، أو تثبيتا لقلوبهم، أو عصمة لهم من اليأس والقنوط.
وأحيانا يأمره أن يقول لهم أشياء ليس فيها أمر ولا نهي ولا تثبيت للقلوب، وإنما فيها مجرد العلم، مثل قوله في سوره الكهف:
Shafi da ba'a sani ba