وقد شدد الله النكير على النصارى في شيئين خطيرين؛ أحدهما: تأليههم للمسيح وعبادته وذلك في قوله من سورة المائدة:
قد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير .
وقوله في السورة نفسها:
لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار .
وهو في هذه الآية يبرئ المسيح من عبادة النصارى إياه، ويقرر أن المسيح لم يدع بني إسرائيل إلا إلى عبادة الله ربه وربهم وأنه نهاهم عن الشرك.
وهو في آية أخرى من السورة نفسها يقرر هذا، ولكن في صراحة لا تدع إلى الشك سبيلا وذلك حيث يقول:
وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب * ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد .
الأمر الثاني الذي أنكره الله على النصارى أشد الإنكار تثليث المثلثين منهم وقولهم: إن الله ثالث ثلاثة. وذلك في الآيات من سورة المائدة:
لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم * أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم * ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون .
ولم يكن بين النبي والنصارى جدال - فيما نعلم - إلا ما كان بينه وبين نصارى نجران حين وفد عليه بعضهم، وعسى أن يكون الله عز وجل قد أشار إلى هذا الجدال في سورة آل عمران حين قرر أن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له: «كن» فيكون، يريد عز وجل - وهو أعلم بما يريد - أن ليس في مولد عيسى دون أن يكون له أب شيء من غرابة؛ فالله قد خلق آدم من تراب ثم قال له: «كن» فكان، لم يكن له أب ولم تكن له أم فمن خلق إنسانا لغير أب وأم قادر على أن يخلق إنسانا ليس له أب.
Shafi da ba'a sani ba