306

Marah Labid

مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد

Editsa

محمد أمين الصناوي

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية - بيروت

Lambar Fassara

الأولى - 1417 هـ

Nau'ikan

Tafsiri

روى ابن عباس أن رؤساء أهل مكة قالوا: يا محمد ما وجد الله غيرك رسولا وما ترى أحدا يصدقك، وقد سألنا اليهود والنصارى عنك فزعموا أنه لا ذكر لك عندهم بالنبوة فأرنا من يشهد لك بالنبوة، فأنزل الله تعالى قوله هذا: قل يا أشرف الخلق لهم: أي شيء أكبر شهادة من الله كي يقروا بالنبوة وإن أكبر الأشياء شهادة هو الله تعالى فإن اعترفوا بذلك فذاك وإلا قل الله شهيد بيني وبينكم بأني رسوله وهذا القرآن كلامه وهو معجز لأنكم فصحاء بلغاء وقد عجزتم عن معارضته فإذا كان معجزا كان إظهار الله إياه على وفق دعواي شهادة من الله على كوني صادقا في دعواي وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أي أنزل الله إلى جبريل بهذا القرآن لأخوفكم يا أهل مكة بالقرآن ولأخوف به من بلغ إليه القرآن من الثقلين ممن يأتي بعدي إلى يوم القيامة أإنكم يا أهل مكة لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى وهي الأصنام التي كنتم تعبدونها وتقولون: إنها بنات الله فإن شهدوا على ذلك قل لهم: لا أشهد أي بما تذكرونه من إثبات الشركاء قل إنما هو إله واحد أي بل إنما أشهد أن لا إله إلا هو وإنني بريء مما تشركون (19) أي من إشراككم بالله تعالى في العبادة الأصنام.

قال العلماء: المستحب لمن أسلم ابتداء أن يأتي بالشهادتين ويتبرأ من كل دين سوى دين الإسلام، ونص الشافعي على استحباب ضم التبرؤ إلى الشهادة لأن الله تعالى لما صرح بالتوحيد قال: إنني بريء مما تشركون. الذين آتيناهم الكتاب وهم علماء اليهود والنصارى الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يعرفونه أي يعرفون محمدا من جهة الكتابين بصفته المذكورة فيهما كما يعرفون أبناءهم بصفاتهم فإنهم كذبوا في قولهم إنا لا نعرف محمدا لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وأسلم عبد الله بن سلام قال له عمر: إن الله أنزل على نبيه بمكة هذه الآية فكيف هذه المعرفة، قال عبد الله بن سلام: يا عمر لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني، ولأنا أشد معرفة بمحمد مني بابني، فقال عمر: كيف ذلك؟ فقال أشهد أنه رسول الله حقا ولا أدري ما تصنع النساء الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون (20) ومعنى هذا الخسران كما قاله جمهور المفسرين أن الله تعالى جعل لكل إنسان منزلا في الجنة ومنزلا في النار. فإذا كان يوم القيامة جعل الله للمؤمنين منازل أهل النار في الجنة ولأهل النار منازل أهل الجنة في النار.

ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أي لا أحد أجرأ ممن اختلق على الله كذبا كقول كفار مكة هذه الأصنام شركاء لله والله تعالى أمرنا بعبادتها. وقولهم: إن الملائكة بنات الله، ثم قولهم أمرنا الله بتحريم البحائر والسوائب وكقول اليهود والنصارى حصل في التوراة والإنجيل أن هاتين الشريعتين لا يتطرق إليهما النسخ ولا يجيء بعدهما نبي أو كذب بآياته أي قدح في معجزات محمد صلى الله عليه وسلم وأنكر كون القرآن معجزة قاهرة بينة إنه لا يفلح الظالمون (21) أي لا يظفرون بمطالبهم في الدنيا والآخرة بل يبقون في الحرمان والخذلان ويوم نحشرهم جميعا أي كافة الناس وهو يوم القيامة ثم نقول للذين أشركوا

Shafi 311