Marah Labid
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
Editsa
محمد أمين الصناوي
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية - بيروت
Lambar Fassara
الأولى - 1417 هـ
Nau'ikan
بحق أي ما كان ينبغي أن أقول ما ليس بجائز لي إن كنت قلته لهم فقد علمته وهذا مبالغة في الأدب وفي إظهار الذل في حضرة ذي الجلال وتفويض الأمور بالكلية إلى الكبير المتعالي.
تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك أي تعلم ما عندي ومعلومي ولا أعلم ما عندك ومعلومك إنك أنت علام الغيوب (116) عن العباد ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم و «أن» مفسرة للهاء الراجع للقول المأمور به. والمعنى ما قلت لهم في الدنيا إلا قولا أمرتني به وذلك القول هو أن أقول لهم: اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا على ما يفعلون ما دمت فيهم أي مدة دوامي فيما بينهم فلما توفيتني أي رفعتني من بينهم إلى السماء كنت أنت الرقيب عليهم أي الحافظ لأعمالهم المراقب لأحوالهم وأنت على كل شيء شهيد (117) وعالم بصير إن تعذبهم فإنهم عبادك وقد استحقوا ذلك حيث عبدوا غيرك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز أي القادر على ما تريد الحكيم (118) في كل ما تفعل لا اعتراض لأحد عليك فإن عذبت فعدل، وإن غفرت ففضل، وعدم غفران الشرك إنما هو بمقتضى الوعيد فلا امتناع فيه لذاته.
ومقصود عيسى عليه السلام من هذا الكلام تفويض الأمور كلها إلى الله وترك الاعتراض عليه بالكلية لأنه يجوز في مذهبنا من الله تعالى أن يدخل الكفار الجنة وأن يدخل العباد النار، لأن الملك ملكه ولا اعتراض لأحد عليه قال الله هذا أي يوم القيامة يوم ينفع الصادقين صدقهم في الدنيا في أمور الدين.
قرأ الجمهور «يوم» بالرفع. وقرأ نافع «يوم» بالنصب. أي هذا القول واقع يوم إلخ لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم أي عن الصادقين بطاعتهم له ورضوا عنه بالثواب والكرامة ذلك الرضوان الفوز العظيم (119) فالجنة بما فيها بالنسبة إلى رضوان الله كالعدم بالنسبة إلى الوجود وكيف لا والجنة مرغوب الشهوة والرضوان صفة الحق وأي مناسبة بينهما لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير (120) أي إن كل ما سوى الله تعالى من الكائنات والأجساد والأرواح ممكن لذاته موجود بإيجاده وإذا كان الله موجدا كان مالكا له، وإذا كان مالكا له كان له تعالى أن يتصرف في الكل بالأمر والنهي والثواب والعقاب كيف أراد فصح التكليف على أي وجه أراده الله تعالى، ولما كان الله مالك الملك فله بحكم المالكية أن ينسخ شرع موسى ويضع موضعه شرع محمد فبطل قول اليهود بعدم نسخ شرع موسى، ثم إن عيسى ومريم داخلان فيما سوى الله فهو كائن بتكوين الله تعالى فثبت كونهما عبدين لله مخلوقين له فظهر بهذا التقرير أن هذه الآية برهان قاطع في صحة جميع العلوم التي اشتملت هذه السورة عليها.
Shafi 304