Marah Labid
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
Bincike
محمد أمين الصناوي
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية - بيروت
Lambar Fassara
الأولى - 1417 هـ
Nau'ikan
من بعد ما جاءهم البينات أي الآيات الواضحة المبينة للحق الموجبة للاتفاق عليه واتحاد الكلمة وأولئك الذين تفرقوا لهم عذاب عظيم (105) في الآخرة بسبب تفرقهم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه أي يوم تظهر بهجة السرور على قوم وسموا ببياض الوجه والصحيفة، وإشراق البشرة. وسعى النور أمامهم ويمينهم. ويوم تظهر كآبة الخوف والحزن على قوم وسموا بسواد اللون والصحيفة، وإحاطة الظلمة بهم من كل جانب. وقرئ «تبياض» و «تسواد» فأما الذين اسودت وجوههم فيلقون في النار وتقول لهم الزبانية. أكفرتم بعد إيمانكم أي بعد ما ظهر لكم ما يوجب الإيمان وهو الدلائل التي نصبها الله تعالى على التوحيد والنبوة. وقال عكرمة والأصم والزجاج: أي أكفرتم يا أهل الكتاب بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانكم به قبل مبعثه فذوقوا العذاب والأمر بذوق العذاب على طريقة الإهانة بما كنتم تكفرون (106) أي بسبب كفركم وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمت الله أي في جنة الله وعبر عنها بالرحمة تنبيها على أن المؤمن وإن استغرق عمره في طاعة الله فإنه لا يدخل الجنة إلا برحمته تعالى.
وقرئ «ابياضت» ، كما قرئ «اسوادت» هم فيها خالدون (107) أي لا يظعنون عنها ولا يموتون تلك أي الآيات المشتملة على تنعيم الأبرار وتعذيب الكفار آيات الله أي دلائل الله نتلوها عليك بالحق أي بالمعنى الحق أو متلبسة بالعدل من أجزاء المحسن والمسيء بما يستوجبانه وما الله يريد ظلما للعالمين (108) أي ما يريد الله فردا من أفراد الظلم لفرد من أفراد العالمين في وقت من الأوقات فضلا عن أن يفعله. وأما ظلم بعضهم بعضا فواقع كثيرا، وكل واقع فهو بإرادته تعالى ولله ما في السماوات وما في الأرض ملكا وخلقا إحياء وإماتة وإثابة وتعذيبا وإلى الله أي إلى حكمه ترجع الأمور (109) فيجازي كلا منهم كنتم خير أمة أخرجت للناس أي أظهرت للناس حتى تميزت وعرفت وفصل بينها وبين غيرها تأمرون بالمعروف أي بالتوحيد واتباع محمد صلى الله عليه وسلم وتنهون عن المنكر أي عن الشرك ومخالفة الرسول وتؤمنون بالله إيمانا متعلقا بكل ما يجب أن يؤمن به من رسول وكتاب وحساب وجزاء. وقال قتادة: هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم لم يؤمر نبي قبله بالقتال فهم يقاتلون الكفار فيدخلونهم في الإسلام فهم خير أمة للناس ولو آمن أهل الكتاب أي اليهود والنصارى إيمانا كاملا كإيمانكم لكان أي ذلك الإيمان خيرا لهم فإنهم آثروا دينهم على دين الإسلام حبا للرياسة واستتباع العوام ولو آمنوا لحصلت لهم هذه الزيادة في الدنيا مع الثواب العظيم في الآخرة فكان ذلك خيرا لهم مما قنعوا به. منهم المؤمنون كعبد الله بن سلام وأصحابه من اليهود والنجاشي ورهطة من النصارى. وأكثرهم الفاسقون (110) في أديانهم فيكونون مردودين عند الطوائف كلهم لأن المسلمين لا يقبلونهم لكفرهم، والكفار لا يقبلونهم لكونهم فاسقين فيما بينهم فليسوا ممن يجب الاقتداء بهم ألبتة عند أحد من العقلاء
لن يضروكم إلا أذى أي لن يضركم
Shafi 145