ولنا مصلحة كبيرة في التمييز بين الكلمتين؛ لأن هذا التمييز يزيد فهمنا وذكاءنا.
فنحن نرث أخلاقنا وعاداتنا الاجتماعية من العائلة فقط، أو كذلك في الأغلب.
ونحن نرث كفاءاتنا الجسمية والذهنية من الأسرة، أو كذلك في الأغلب.
وعلى هذا الأساس نقول إننا في حاجة إلى وزارة للعائلة، وليس للأسرة.
العائلة هي أساس المجتمع سواء كان هذا المجتمع يحيا على المبدأ الانفرادي في العيش مثل الأمم الغربية، فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، أم يحيا على المبدأ الاشتراكي مثل روسيا والصين وبولندا ويوغوسلافيا.
وعائلة حسنة تعني مجتمعا حسنا. وعائلة سيئة تعني مجتمعا سيئا.
والتربية الصحيحة لكل إنسان، والتي لا يمكن أن تقارن بها أية تربية، هي التي نحصل عليها في السنوات الأربع الأولى من أعمارنا. أما بعد ذلك فلا نكاد نحصل على أية تربية ولو عمرنا إلى سن السبعين أو الثمانين. وهذه السنوات الأربع الأولى هي سنوات الطفولة مع الأبوين. ويجب أن تقضى في بيت يحوي إشعاعات من الحب والوئام والذكاء والطيبة والجمال. فإذا كان الزوجان يتنافران فإن الابن يشقى بهما بدلا من أن يسعد. وتتكون في نفسه عقد تلازمه طيلة عمره وتتعسه.
وغضب الأم الذي يحملها على ترك الأب، وغضب الأب الذي يحمله على البقاء خارج البيت معظم وقته، ثم الطلاق الذي يجعل الأبناء يتامى أو يعرضهم للمعاملة القاسية، أو التي تخلو من الحب، على أيدي آباء غير آبائهم، كل هذا يحمل الأطفال على التشرد النفسي لأنهم يفقدون مكان الولاء والحب ويفقدون القدوة ويفقدون حقهم في الأبوة.
وهذا التشرد النفسي في الأطفال يحملهم على التشرد العاطفي، ثم المهني، ثم الجنوح إلى الإجرام، ثم السقوط.
نحن البشر نحتاج إلى روابط تربطنا بهذه الدنيا. وأمتن هذه الروابط هو الأم، ثم الأب؛ أي العائلة. ثم هناك روابط أخرى نعرفها بعد أن يكتمل شبابنا، مثل الثقافة والإنسانية والدين والشرف ... إلخ. ولكن إذا فقدنا الرابطة العائلية بطلاق الأبوين، ونحن في الطفولة، فإننا في حكم المتشرد الذي لا يرتبط بأي رباط عاطفي أو ذهني. ولن تنفعه الارتباطات الأخرى، بل هي لا تنشأ.
Shafi da ba'a sani ba