وكل هؤلاء النساء منتجات.
إن شعوب أوربا تنتج الإنتاج العظيم لأن رجالها ونساءها يعملون في المصانع والمتاجر والوظائف. أما نحن، الأمة العربية، فلا ينتج عندنا غير الرجال، والقليل جدا من النساء؛ ومن هنا ضعف إنتاجنا ثم فقرنا الأسود الشامل.
نحن فقراء لعدة أسباب، منها سبب واحد يرجع إلى أننا نمنع النساء، آنسات وزوجات، من الإنتاج. ونحن - في مصر - نبلغ 22 مليونا (1955) منهم على الأقل نحو سبعة ملايين آنسة أو سيدة لا يعمل في الإنتاج العام منهن سوى أقل من ربع مليون في المدن. أما في الريف فإن بعضهن يعملن في الزراعة على الطرق الغشيمة القديمة.
ونحن في هذا العالم في «تنازع بقاء» مع الأمم الأخرى. فإذا كانت هذه الأمم تستخدم نساءها مثل رجالها في الإنتاج العام، فإننا لن نبلغ شأوها في الثراء إلا إذا استخدمنا نساءنا أيضا مثلها في الإنتاج. وهذا منطق لا نستطيع أن نفر منه.
وقد ارتفعت المرأة إلى مستوى الرجال في المناصب العليا إلا في مصر؛ ولذلك نحن نجد الوزيرات والسفيرات في جميع الأمم المتمدنة تقريبا إلا في مصر. وكلما انعقد مؤتمر ظهرت النساء نائبات عن الهند أو أميركا أو بريطانيا أو غيرها إلا مصر، فإنه لا تظهر فيها امرأة نائبة عن وطننا.
وقد كانت هذه الحال ملحوظة في مؤتمر باندونج الأخير.
وللمؤتمرات قيمة في الدعاية. وأية دعاية أسوأ من أن تكون لكل أمة مندوبات إلا مصر؟
ألا يعيبنا أن تساوي أمم آسيا وأميركا وأوربا بين الجنسين ونحن نميز الرجال على النساء؟
كانت النظم الإقطاعية عندنا تجعل المرأة بعيدة عن المجتمع وعن الاشتراك في شئون الحكم. وقد زالت النظم الإقطاعية ولكن بقيت العواطف التي نشأ الشعب عليها قبل زوالها. ومن هنا هذه الكراهية، أو هذا النفور، من التسليم بمساواة المرأة بالرجل وتكليفها الواجبات التي يكلف هو مثلها.
وقد كانت وزاراتنا الإقطاعية القديمة قبل الثورة، تنفر كل النفور من المساواة بين الجنسين. وأيما اقتراح كان يقدم إليها بشأن تعيين امرأة سفيرة أو وزيرة لا يمكن أن يلقى غير الاحتقار والاستهزاء والإهمال.
Shafi da ba'a sani ba