وقد يعم كل جوهر أنه ليس فى موضوع، فإن الجوهر الأول ليس يقال على موضوع، ولا هو فى موضوع. والجواهر الثوانى قد يظهر بهذا الوجه أنه ليس شىء منها فى موضوع. فإن الإنسان يقال على موضوع، أى على إنسان ما، وليس هو فى موضوع، أى فيه. وذلك أن الإنسان ليس هو فى إنسان ما؛ وكذلك أيضا الحى يقال على موضوع، أى على إنسان ما، وليس الحى فى إنسان ما. وأيضا التى فى موضوع، فليس مانع يمنع من أن يكون اسمها فى حال من الأحوال يحمل على موضوع. وأما قولها فلا سبيل إلى أن يحمل عليه. فأما الجواهر الثوانى فإنه يحمل على الموضوع قولها واسمها، فإنك تحمل على إنسان ما قول الإنسان وقول الحى. فيجب من ذلك أن الجوهر ليس هو مما فى موضوع، إلا أن هذا ليس بخاصة للجوهر، لكن الفصل أيضا هو مما ليس فى موضوع، فإن الماشى وذا الرجلين يقالان على موضوع، أى على الإنسان؛ وليسا فى موضوع، وذلك أن ذا الرجلين ليس هو فى الإنسان، ولا الماشى. وقول الفصل أيضا محمول على الذى يقال عليه الفصل، مثال ذلك أن المشاء إن كان يقال على الإنسان فإن قول «المشاء» محمول على الإنسان ، وذلك أن الإنسان مشاء — ولا تغلطنا أجزاء الجواهر فتوهمنا أنها موجودة فى موضوعات، أى فى كلياتها، حتى يضطرنا الأمر إلى أن نقول إنها ليست جواهر، لأنه لم يكن قول ما يقال فى موضوع على هذا الطريق على أنه فى شىء كجزء منه.
ومما يوجد للجواهر وللفصول أن جميع ما يقال منهما إنما يقال على طريق المتواطئة أسماؤها، فإن كل حمل يكون منهما فهو إما أن يحمل على الأشخاص، وإما على الأنواع؛ فإنه ليس من الجواهر الأول حمل أصلا، اذ كان ليس يقال على موضوع ما ألبتة. فأما 〈فى〉 الجواهر الثوانى فالنوع يحمل على الشخص، والجنس على النوع وعلى الشخص. وكذلك الفصول تحمل على الأنواع وعلى الأشخاص. والجواهر الأول تقبل قول أنواعها وأجناسها، والنوع يقبل قول جنسه، إذ كان كل ما قيل على المحمول فإنه يقال أيضا على الموضوع؛ وكذلك تقبل الأنواع والأشخاص قول فصولها أيضا. وقد كانت المتواطئة أسماؤها هى التى الاسم عام لها والقول واحد بعينه أيضا؛ فيجب أن يكون جميع ما يقال من الجواهر ومن الفصول فإنما يقال على طريق المتواطئة أسماؤها.
Shafi 11