268

* الليلة الحادية عشرة عند الحسين (ع)

إن من الراجح المؤكد على من يشايع الأئمة المعصومين (عليهم السلام) المبيت في الليلة الحادية عشرة عند قبر المظلوم (ع) وعليه ملامح الاستياء وشعار الحزن على ذلك الفادح الجلل بين أنة وحنة وصراخ وعولة كأنه ينظر من كثب إلى ضحايا آل محمد مضرجين بالدماء تسفي عليهم الريح بوغاء الثرى وهي أشلاء مقطعة قد طعمتها سمر الرماح ونهلت من دمائها بيض الصفاح وطحنتها سنابك الخيل العادية.

ويرنو من أمم إلى عقائل بيت الوحي نذرف الدمع على تلك الجثث الزواكي ، فمن نادبة إلى صارخة ، ومن ناشجة إلى لاطمة صدرها وناشرة شعرها (1)، فيواسيها المتصور ببكائه المتواصل ، وعقيرته المرتفعة ، وعبرته الغزيرة.

ومن المقطوع به أن في هذه الحالة صلة للصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ومواساة لها وفيها جلب رغبات أئمة الهدى (عليهم السلام) على ما يستأنس به من الآثار الواردة في أمثال هذا في سائر الأحوال.

وهناك أحاديث ربما يستفيد المتأمل منها هذه النظرية ؛ ففي الحديث عن مالك الجهني عن أبي جعفر (ع): «من زار الحسين (ع) يوم عاشوراء حتى يظل عنده باكيا ، لقى الله يوم القيامة بثواب ألفي ألف حجة ، وألفي ألف عمرة ، وألفي ألف غزوة مع رسول الله والأئمة الراشدين» (2).

وقد أفاد علماء العربية أن (ظل) تستعمل فيمن أقام في المكان نهارا إلى الليل (3) والإقامة إلى الليل ، إن لم يستلزم المبيت في الليلة المتعقبة للنهار ، إلا أن

وفي شرح الكفاية ، للرضي ص 278 ، مبحث الأفعال الناقصة : معنى (ظل زيد متفكرا) كان في جميع النهار كذلك ، فاقترن مضمون الجملة وهو تفكر زيد بجميع النهار مستغرقا له ، ومعنى بات زيد مهموما أنه في جميع الليل كذلك.

وفي شرح الصمدية ، للسيد علي خان ص 59 ، طبعة ايران : تفيد (ظل) و (بات) ثبوت الخبر للاسم في جميع النهار والليل ، وعلى ذلك جرى الزمخشري في المفصل ص 267 ، طبعة مصر : وقد يستعملان بمعنى صار مع القرينة.

Shafi 297