189

بين هذه الكوارث ، فهل أبقت لهم مهجة ينهضون بها أو أنفسا تعالج الحياة والحرب في غد؟!

نعم كانت ضراغمة آل عبد المطلب والصفوة من الأصحاب عندئذ في أبهج حالة وأثبت جأش ، فرحين بما يلاقونه من نعيم وحبور ، وكلما اشتد المأزق الحرج أعقب فيهم انشراحا بين ابتسامة ومداعبة إلى فرح ونشاط.

ومذ أخذت في نينوى منهم النوى

ولاح بها للغدر بعض العلائم

هازل برير عبد الرحمن الأنصاري ، فقال له عبد الرحمن : ما هذه ساعة باطل؟ فقال برير : لقد علم قومي ما أحببت الباطل كهلا ولا شابا ، ولكني مستبشر بما نحن لا قون ، والله ما بيننا وبين الحور العين إلا أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم ، ولوددت أنهم مالوا علينا الساعة (1).

وخرج حبيب بن مظاهر يضحك ، فقال له يزيد بن الحصين الهمداني : ما هذه ساعة ضحك. قال حبيب : وأي موضع أحق بالسرور من هذا؟ ما هو إلا أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم فنعانق الحور (2).

تجري الطلاقة في بهاء وجوههم

أن قطبت فرقا وجوه كماتها

فكأنهم نشطوا من عقال ، بين مباشرة للعبادة ، وتأهب للقتال ، لهم دوي كدوي النحل ، بين قائم وقاعد وراكع وساجد.

قال الضحاك بن عبد الله المشرقي : مرت علينا خيل ابن سعد فسمع رجل منهم الحسين (ع) يقرأ ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين * ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ).

Shafi 216