وَلذَلِك قَالَ رَسُول الله ﷺ إِنَّكُم تتهافتون فِي النَّار تهافت الْفراش وَأَنا آخذ بِحُجزِكُمْ خيال وتنبيه
لَعَلَّك تَقول الْخَوْف على الْحَقِيقَة من الله تَعَالَى فَلَا مخوف إِلَّا إِيَّاه فَهُوَ الَّذِي خوف عباده وَهُوَ الَّذِي خلق أَسبَاب الْخَوْف فَكيف ينْسب إِلَيْهِ الْأَمْن
فجوابك إِن الْخَوْف مِنْهُ والأمن مِنْهُ وَهُوَ خَالق سَبَب الْأَمْن وَالْخَوْف جَمِيعًا وَكَونه مخوفا لَا يمْنَع كَونه مُؤمنا كَمَا أَن كَونه مذلا لم يمْنَع كَونه معزا بل هُوَ الْمعز والمذل وَكَونه خَافِضًا لم يمْنَع كَونه رَافعا بل هُوَ الْخَافِض الرافع فَكَذَلِك هُوَ الْمُؤمن الْمخوف لَكِن الْمُؤمن ورد التَّوْقِيف بِهِ خَاصَّة دون الْمخوف
الْمُهَيْمِن
مَعْنَاهُ فِي حق الله ﷿ أَنه الْقَائِم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم وَإِنَّمَا قِيَامه عَلَيْهِم باطلاعه واستيلائه وَحفظه وكل مشرف على كنه الْأَمر مستول عَلَيْهِ حَافظ لَهُ فَهُوَ مهيمن عَلَيْهِ والإشراف يرجع إِلَى الْعلم والاستيلاء إِلَى كَمَال الْقُدْرَة وَالْحِفْظ إِلَى الْفِعْل فالجامع بَين هَذِه الْمعَانِي اسْمه المهين وَلنْ يجْتَمع ذَلِك على الْإِطْلَاق والكمال إِلَّا لله ﷿ وَلذَلِك قيل إِنَّه من أَسمَاء الله تَعَالَى فِي الْكتب الْقَدِيمَة تَنْبِيه
كل عبد راقب قلبه حَتَّى أشرف على أغواره وأسراره وَاسْتولى مَعَ ذَلِك على
1 / 72