(ج) من حيث أنه علة فهو قبل.
(ب) فيكون قبل ما هو قبله وهو محال ويكون كل واحد منهما قبل صاحبه من حيث أنه علة وبعده من حيث أنه معلول وذلك ظاهر البطلان.
(السادس): هو أنه لا يتعلق بغيره على وجه يتعلق ذلك الغير به لا بمعنى العلية ولكن على سبيل التضايف كما بين الأخوين فانا نقول إن لم يلزم عدمه لعدم ذلك الغير فلا علاقة له مع ذلك الغير ونحن نجوز أن يكون لغير واجب الوجود علاقة بواجب الوجود فان المعلول يتعلق بالعلة والعلة لا تتعلق بالمعلول وإن كان يلزم عدمه بعدم ذلك الغير فهو ممكن لا واجب فان كل ما يتعلق بغيره فهوممكن لأنه لا يخلو إما أن يكفى فى وجوده ذلك الغير فيكون ذلك الغير وحده علة وهو معلوله* وإما أن يحتاج مع ذلك الغير إلى شىء آخرفيكون هو معلول الجميع وكل ذلك يناقض وجوب الوجود.
(السابع): هو أنه لا يجوز أن يكون شيآن كل واحد منهما واجب الوجود حتى يكون للواجب ند ويكون كل واحد مستقلا بنفسه لا يتعلق بالآخر لأنه لا يخلو إما أن يتشابها من كل وجه أويختلفا فان تشابها من كل وجه بطل التعدد ولم تعقل الاثنينية كما ذكرنا من استحالة سوادين فى محل واحد فى حالة واحدة بيان أن الكلى لا يصير حاصلا إلا بفصل أوعارض يختص به لا محالة وإن كانا مختلفين بفصل أوعارض فهو محال أيضا إذ قد سبق أن الفصل والعارض لا مدخل لهما فى حقيقة ذات الكلى وأن لا مدخل للانسانية فى كون الحيوانية حيوانية وإنما يدخل فى كونه موجودا وذلك فيما يكون الوجود عارضا على الماهية وغيرها فاما ما إنيته وماهيته واحدة والفصل لم يكن داخلا فى ما هيته لم يكن داخلا فى إنيته فيكون دون ذلك الفصل واجب الوجود فيكون الفصل والعارض لغوا وإن كان لا يكون واجب الوجود دون ذلك الفصل فقد صارالفصل داخلا فى حقيقة المعنى أعنى معنى وجوب الوجود وقد سبق أن ذلك محال وإنه إنما يدخل فى وجود الماهية والحقيقة إذا كانت الماهية غير الوجود.
(الثامن): أنه لا يجوز أن يكون له صفة زائدة على الذات لأنه إن كان يتقوم وجوده بتلك الصفة حتى يبطل وجوده بتقدير عدمها فقد تعلق بها وصار مركبا من أجزاء لا تلتئم ذاته إلا بمجموعها وكل مركب من أشياء معلول كما سبق وإن كان لا يلزم عدمه من تقدير عدم تلك الصفة فهى عرضية فيه كالعلم فى الانسان مثلا وذلك محال لأن كل عرضى فمعلول كما سبق وعلته إن كان ذات واجب الوجود كان الذات فاعلا وقابلا وكان كونه فاعلا غير كونه قابلا لأنه يقبل لا من حيث يفعل ويفعل لام ن حيث يقبل فيكون فيه كثرة بوجه ما* وقد بينا أن الكثرة فى ذات واجب الوجود محال لأنه يوجب تعليل الجملة بالآحاد فهو واحد من كل وجه على أنه سنبين فى الطبيعيات أن الجسم لا يتحرك بنفسه ويستحيل أن يكون الشىء محركا ومتحرك من وجه واحد وأن الفاعل لا يكون قابلا بل يكون الجسم قابلا والفاعل من خارج كتحريكه إلى فوق أو يكون القابل هو الهيولى والفاعل هو الصورة كحركته إلى أسفل فيتصور إذا اجتماع الفعل والقبول فى الجسم وما يجرى مجراه مما يتركب من شىء هو كالصورة بها يفعل وشىء هو كالمادة بها يقبل* وقد بينا أن واجب الوجود لا يكون كذلك وباطل أن يكون ذلك العارض من غيره إذ يصير ذا علاقة مع الغير فان وجوده على تلك الصفة يتعلق بوجود ذلك الغير ووجوده خاليا عن تلك الصفة يتعلق بعدم ذلك الغير وهو إما أن يكون متصفا بها أو خاليا ويكون فى كلتا حالتيه متعلقا والمتعلق وجوده بعدم غيره معلول كما أن المتعلق وجوده بوجود غيره معلول لأنه لا يستغنى ذاته عن ذلك الغير حتى لو قدر تبدله بالوجود لبطل ذاته فيكون ذاته متعلقا بالغير وواجب الوجود لا علاقة له مع الغير البتة بل ذاته كاف فى ذاته فهو الذى أردناه بواجب الوجود.
(التاسع): أن واجب الوجود يستحيل أن يتغير لأن التغير عبارة عن حدوث صفة فيه لم تكن وكل حادث فيفتقر إلى سبب ويستحيل أن يكون غيره لما سبق وأن يكون ذاته لأن كل صفة يلزم من الذات يكون مع الذات لا يتأخر عنه وقد ذكرنا أن الفاعل لا يكون قابلا فلا يفعل الشىء شيئا فى ذاته البتة.
(العاشر): أن واجب الوجود لا يصدر منه إلا شىء واحد بغير واسطة وإنما يصدر منه أشياء كثيرة على ترتيب ووسائط وذلك لأنه ثبت أنه واحد لا كثرة فيه بوجه إذ الكثرة إنما تكون بكثرة الأجزاء التى يستقل آحادها ككثرة الجسم المؤلف أو بكثرة المعنى بأن يقسم الشىء إلى أمرين لا يستقل أحدهما دون الاخر كالصورة والهيولى أو كالوجود والماهية وقد نفينا كل ذلك عنه فلا يبقى إلا الوحدة من كل وجه والواحد لا يصدر منه إلا واحد وإنما يختلف فعل الواحد إما باختلاف المحل أو باختلاف الآلة أو بسبب زائد على ذات الفاعل الواحد* وبرهانه أنا إذا عرضنا جسما على شىء فسخنه فعرضناه على اخر فبرده فنعلم ضرورة أن بينهما اختلافا لأنهما لوكانا متماثلين لتماثل فعلاهما فهما استحال وجود شيئين مختلفين من ذاتين متماثلين فبأن يستحيل من ذات واحدة أولى لأن الشىء من غيره أبعد منه عن نفسه فاذا كان مماثلة الغير يوجب أن لا يخالف فعله فعله فمماثلته لنفسه أولى بذلك والمماثلة فى النفس مجاز ولكن المقصود التفهيم.
(الحادى عشر): أن واجب الوجود كما لا يقال له عرض لما سبق فلا يقال له جوهر وإن كان قائما بنفسه ولم يكن فى محل كما أن الجوهر كذلك ولكن الجوهر فى اصطلاح القوم عبارة عن حقيقة وماهية وجودها لافى موضوع نعنى إذا وجد فوجودها لافى موضوع لا إنه موجود وجودا بالفعل حاصلا فانك تحكم ضربا للمثل بأن التمساح جوهر ولا تشك فيه وتشك فى أنه هل هو فى الحال حاصل فى الوجود أم لا وكذا جملة من الجواهر فاذا الجوهر يطلق على حقيقة وماهية إذا عرض لها الوجود عرض لا فى الموضوع فيكون عبارة عما يكون ماهيته غير إنيته فما ماهيته وإنيته واحدة لا يسمى جوهرا بهذا الاصطلاح إلا أن يخترع مخترع اصطلاحا فيجعله عبارة عن وجود لا محل له فلا نمنع إذ ذاك من إطلاقه عليه فان قيل أليس يقال إن واجب الوجود موجود وغيره موجود والوجود شامل فقد اندرج مع غيره تحت الجنس فلا بد وأن ينفصل عنه بفصل فيكون له حد فيقال له لا لأن الوجود يقع عليه وعلى غيره على سبيل التقدم والتأخر بل قد بينا أنه يقع على الجواهر والأعراض أيضا كذلك فلا يكون على سبيل التواطؤ وماليس على سبيل التواطؤ فلا يكون جنسا وإذا لم يكن الوجود جنسا فبأن ينضاف اليه نفى وهو إنه لا فى الموضوع لا يصير جنسا لأنه لم ينضم اليه إلا سلب مجرد فالوجود لا فى الموضوع الذى له ولغيره من الجواهر ليس على سبيل الجنسية والجوهرية جنس لسائر الجواهر فحصل من هذا إن واجب الوجود لا يقع في شىء من المقولات العشرة إذ لم يقع فى مقولة الجوهر فكيف يقع فى مقولات الاعراض كيف ووجود سائر المقولات زائد على الماهيات وعرضى فيها وخارج من ماهياتها ووجود واجب الوجود وماهيته واحد فيظهر من هذا إن واجب الوجود لا جنس له ولا فصل له فلا حد له وظهر إنه لا محل له ولا موضوع فلا ضد له وظهر إنه لانوع له ولا ند له ولا شريك له وظهر إنه لا سبب له ولا تغير له ولا جزء له بحال.
(الثانى عشر): إن كل ماسوى واجب الوجود ينبغى أن يكون صادرا عن واجب الوجود على الترتيب وأن يكون وجود كل ما سواه منه وبرهانه إنه إذا بان إن واجب الوجود لا يكون إلا واحدا فما عداه لا يكون واجبا فيكون ممكنا فيفتقر إلى واجب الوجود فيكون منه لأن الكل ممكنات ولا يخلو من أربعة أقسام إما أن يكون بعضها من بعض ويتسلسل اإلى غير نهاية وإما أن بنتهى إلى طرف وذلك الطرف علة ولا علة له فى نفسه وإما أن ينتهى إلى طرف ولذلك الطرف علة من جملة معلولاته وإما أن ينتهى إلى واجب الوجود ووجه حصر هذه الأقسام هو أنه لا يخلو إما أن يتسلسل أو يتناهى فان تناهى إلى طرف فذلك الطرف إما واجب الوجود أو غيره فان كان غيره فذلك الطرف إما أن يكون له علة أو لا علة له أما القسم الأول وهو التسلسل إلى غير نهاية فقد أبطلناه وأما الثانى وهو أن ينتهى إلى طرف غير واجب الوجود الذى فرضناه وذلك الطرف لا علة له فهذا يؤدى إلى أن يكون واجب الوجود اثنين إذ لا نعنى بواجب الوجود إلا ما لاعلة له أصلا وقد أبطلنا ذلك * وأما الثالث وهو أن يكون علة ذلك الطرف شيئا من معلولاته بالدور مثلا وهو أن يكون.
(ا) علة.
Shafi da ba'a sani ba