تلك المكارم في لحم ولا عصب ألف جرير ، كتاب التفسير ، وحرره أيما تحرير ، فهو لكل مؤمن سمير ، وبكل نفع جدير ، فأغلقت عليه في زنزانة ، كأنك ما عرفت شانه ، ولا شكرت إحسانه ، واستبدلته بكتاب ألف ليلة وليلة ، وجعلته إلى اللهو وسيلة ، وللعب خميلة ، ولطلب الدنيا حيلة ، تغفل الآيات البينات ، والحكم البالغات ، والنصائح والعظات ، وتقبل على كتاب الأغاني ، للأصفهاني ، وهو فيما قال جاني .
خف الله واحفظ ذا الزمان فإنه
نهارك يا مغرور سهو وغفلة
سريع التقضي مخلف الحسرات
وليلك يمضي في رؤى وسبات
أسأل الله بالاسم الأعظم ، والوصف الأكرم ، فإنه الأعلم الأحلم الأحكم ، أن يهدي قلبي وقلبك ، وأن يغفر ذنبي وذنبك ، وأن ينير بالوحي دربي ودربك.
المقامة الجهادية
{ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه
ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا }
أيا رب لا تجعل وفاتي إن دنت
ولكن شهيدا ثاويا في عصابة
على مضجع تعلوه حسن المطارف
يصابون في فج من الأرض خائف
قال أبو شجاع ، محمد بن القعقاع : ما رأيت مثل الجهاد ، في سبيل رب العباد ، فيه تصان الملة ، ويدخل على الكفار الذلة .
قلنا يا أبا شجاع : حدثنا عن بعض التحف ، من مواقف السلف ، في ساح الوغى ، يوم قاتلوا من بغى وطغى .
فقال : كان المسلمون مع قتيبة بن مسلم في حصار كابل ، وكل ذاهل ، فأرسل إلى محمد بن واسع ، الإمام الخاشع ، فلقيه بجفن دامع ، وكف ضارع ، يشير بسبابته إلى السماء ، ويقول : يا سميع الدعاء ، عظم فيك الرجاء ، اللهم ثبت أقدامنا ، وسدد سهامنا وارفع أعلامنا ، فلما أخبروا قتيبة بما شاهدوا ، وأطلعوه على ما وجدوا .
Shafi 89