============================================================
الفن الرابع: المقالات التي اختلف فيها أهل الملة قالوا: فأما الجهل فالقول فيه على وجهين: إن أراد السائل بالجهل الأفعال التي تسمى جهلا فالقول فيه كالقول في الظلم والكذب.
وإن أراد جهل الذات أو الجهل بالأشياء على معنى أنها علته فلا يعلمها.
قلنا: لم نقل: إنه قادر على أن يكون عالما فيلزمنا أن نقول: إنه قادر على أن يكون جاهلا، وقد قلنا: إنه قادر على العدل والصدق فحازت القدرة أضدادهما.
قالوا: ولو كان القول بأنه قادر على الظلم والكذب غير جائز، وكان الحق ما ذهب إليه خصومنا لوجب إذا رأينا كافرا أن نقول: إن الله قادر على تعذيبه، فلو أسلم في الوقت الثاني كان قادرا عليه في الوقت الأول، وهذا محال، إلا أن يجيز خبرا على معبوده والانقلاب والتغيير وإجازة ذلك.
وقال بعضهم: ليس يجب إذا قلنا: إنه قادر على الظلم والكذب، وعلى ما لا يقع في الشاهد إلا للمآوف المحتاج أن يقول: إنه قادر على أن يكون مأووفا محتاجا، وذلك أنا إنما قلنا: يقدر أن يفعل الظلم والكذب والذي وصفنا بالقدرة عليه لا يكون منه ولم يكن، وإنمايدل على الآفة والحاجة وجود ذلك، لا القدرة عليه، كما أن قائلا لوقال: قد كان ما علم الله أنه لا يكون كان قد وصفه بالجهل، ولو قال: يقدر الله على ما علم أنه لا يفعله، لم يكن واصفا له بأنه قادر على أن يجهل نفسه، وعلى أن يكون جاهلا عند أكثر خصومنا.
وحكي عن بشر بن المعتمر أنه كان يقول إذا سئل وقيل له: هل يقدر الله على أن يعذب الطفل؟ قال: نعم، ولو عذبه لكان بالغأ كافرا مستحقا للعذاب.
Shafi 263