============================================================
الفن الرابع: المقالات التي اختلف فيها أهل الملة وأنكر هذا الذي بينا هشام بن عمرو، وزعم أن القول بأن الله يرى لا يجوز على وجه من الوجوه؛ لما فيه اتهام الغلط، وأن الرؤية لا تكون علما ولا تكون بالقلب.
القول في العلم والقدرة: قالت المعتزلة والخوارج والمرجئة وبعض الزيدية: إن الله لم يزل عالما قادرا بنفسه، وإنه لا يجوز أن يكون عالما بعلم هو أو غيره أو بعضه. واحتجوا لذلك بأن قالوا: لو كان الله جل ذكره عالما بعلم، لم يخل ذلك العلم من أن يكون هو هو، أو غيره، أو بعضه. / وكل هذه الوجوه تبطل؛ لأن العلم لوكان (21) هوهو، لجاز أن يعبد ويشتغفر، وأن قول القائل: له علم، إثبات شيء وإنما إلى شيئين، وقوله: هو هو، نفي ما أثبت ورجوغ إلى شيء واحد.
ولسو كان العلم غيره كان لا يخلو من أن يكون لم يزل أو يكون محدثا، فلو كان لم يزل معه وجب أن يكون غير الله لم يزل مع الله، وإن كان حادثا وكان إنما يعلم بعلم وجب أن يكون قبل حدوث العلم غير عالم.
قالوا: فإن أجاز مجيو أن يكون العلم لا هو ولا غيره ولا بعضه، بينه وبين من قال: هو الله وهو غيرة، وهو بعضة، فرق.
وتأولوا قول الله: أنزله يعلمه* [النساء: 166]، وقول الناس: علم الله، على أن الله المرجع في ذلك، إلى أنه عالم لا إلى إثبات علم وقالوا: وقد تطلق العرب مثل هذا اللفظ على غير إثبات معنى آخر، فيقولون: وجه الرائي، ونفس الطريق، وأتاني فلان بنفسه، وليس يريدون للرائي والطريق وجها، ولا أن فلانا أتاه بشيء غيره.
Shafi 249