233

Maqalat Tanahi

مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي

Mai Buga Littafi

دار البشائر الإسلامية بيروت

Lambar Fassara

الأولى

Nau'ikan

قصيدة نادرة في المديح النبوي (١)
جاء محمد بن عبد الله ﷺ على فترة من الرسل، فانتهت به الرسالات، وخُتمت به النبوات، وقد بعث إلى الناس كافة؛ ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى صراط ربه المستقيم.
وقد قضى ﷺ ثلاثًا وعشرين سنة، بين مبعثه ووفاته يدعو الناس إلى التوحيد، ويبلغهم قرآن ربه الذي يشتمل على صلاح أمورهم في دنياهم وآخرتهم.
وكانت سنَّته الشريفة، أفعالًا وأقوالًا وتقريرًا هي المصدر الثاني للتشريع، وهي الحكمة في قوله تعالى: ﴿ويعلمكم الكتاب والحكمة﴾ [البقرة: ١٥١]، وقوله: ﴿واذكروا نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به﴾ [البقرة: ٢٣١]، وقوله: ﴿وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم﴾ [النساء: ١١٣].
ثم كانت سيرته العطرة مجلى قوله تعالى: ﴿وإنك لعلى خلق عظيم (٤)﴾ [القلم: ٤]. وتصديق قول عائشة ﵂: «كان خلقه القرآن»، والله أعلم حيث يجعل رسالته، فقد اصطفاه من بين خلقه اصطفاء وقرأ بعض القرّاء: ﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم﴾ [التوبة: ١٢٨]، بفتح الفاء على معنى: من خياركم، من قولهم: هذا أنفس المتاع، أي أجوده وخيار - ثم هداه إلى الطيب من القول، والمرضي من السلوك، وعصمه من كل شبهة، وارتفع به عن كل نقيصة وبرأه من كل

(١) مجلة «الهلال»، سبتمبر ١٩٩٣ م.

1 / 247