وعندي أن الكاتب العظيم في الفلسفة أو الأدب هو الذي يزيد وجدان قرائه، فيحفزهم إلى التفكير في تجديد القيم الاجتماعية والإنسانية والسياسية.
وهنا نعود إلى ما بدأنا به؛ ذلك أننا إلى أن نقول: إن الأدب للشعب، أي: للحياة. أي: للإنسانية. ولم يعد الأدب تسلية للملوك، ولا كتابا يؤلفه الرهبان عن كتب سابقة، ويخاطبون به الرهبان عن غيبيات يقول عنها ابن رشد: لا أدري.
وكذلك الشأن في الفلسفة، فإن بروز الشعب إلى وجدان المفكرين قد جعل للفرد الذي كان يهمل سابقا، مكانا جديدا وخطيرا.
اذكر الجندي المجهول.
ونحن الآن نكتب الأدب أو الفلسفة لهذا الفرد الذي كان يهمل في الماضي، ونحن نطالب هذا الفرد بأن يحس هذا الوجدان الجديد، كما أننا نساعده على أن يجده، أي: يجد نفسه في هذا الكون.
ووصولنا إلى هذا الموقف من الأدب والفلسفة يرجع، كما قلنا، إلى أن المجتمعات قد تغيرت، وأنها بدلا من أن تكون مجتمعات الملوك والرهبان أصبحت مجتمعات الشعب. فأصبح الأديب والفيلسوف، كلاهما يهتمان بهموم الشعب، أي: بهموم أفراده.
أجل، يجب ألا نكتب لفاروق، ولكن للجندي المجهول من الشعب.
ابن خلدون والعرب
عد المؤرخون - بحق - ابن خلدون أول من وضع علم الاجتماع ولا تزال «المقدمة» بين أيدينا تخبر عن عقل كبير في التحليل والتأليف؛ والإحاطة، والتفصيل، وقد أنستنا هذه المقدمة ما وضعت من أجله، وهو درس التاريخ الكبير الذي وضعه بعدها، وكانت المقدمة بمثابة التهيئة والتنبيه لدرس هذا التاريخ؛ إذ اتضح للقراء أنها أثمن من التاريخ.
وقد تناول المؤلف بحوثا كثيرة، حاول أن يفهم المادية ثم يشرح فيها معنى «التمدن». وكيف ترتقي الأمم وكيف تنحط.
Shafi da ba'a sani ba