وإنه لأليق وأشرف لكرامتنا أن نعامل الفلاح بالحب، فنتحرى الوسائل والأسباب لنظافة بيته وهناء عيشته، فإننا حين نذكر الريف تجري على ألسنتنا كلمات الأمن العام، وثمن القطن، والري والصرف، وتكاد ألسنتنا تجهل كلمات الحب والهناءة، والنظافة لسكان هذا الريف.
ومع أني لست طبيبا فإني أعتقد أن إيجاد المراحيض أجدى على الصحة العامة للفلاحين من تطهير ماء الشرب، وليس هناك أيسر علينا من أن نسن قانونا بإجبار المالكين على إيجاد المراحيض في المنازل التي يبنونها، وليس أيسر على الحكومة من أن تضع رسما يسترشد به المالكون، ويعملون وفقه، كي يوفروا النظافة لأكثر من عشرة ملايين مصري يعيشون بين برازهم وأقواتهم.
إن الذهن الذكي والقلب البار لا يرضيان هذه الحال المزرية التي يعيش فيها فلاحونا، وليس من الإسراف أن نطالب المالكين بإنفاق جزء من الأموال التي يجمعونها من محصول القطن لتوفير النظافة والكرامة لنصف الشعب المصري أو أكثر.
أرجو أن يحرق جثماني بعد وفاتي
لما مات برناردشو أذاعت التلغرافات أن جثمانه سيحرق، وأنه قد أوصى بألا يصلي عليه القسيس، وقد أدخل جثمانه في الكنيسة يومين، زاره في أثنائها أصدقاؤه وودعوه بتراتيل موسيقية، ثم حمل جثمانه إلى المرمدة حيث أحرق، والمرمدة مشتقة من الرماد الذي يتخلف من النار، ولا تخلو منها مدينة في أوروبا حيث تقوم مقام الجبانة التي لا تزال تستعمل للدفن.
وكان برناردشو يؤثر الحريق على الدفن، ولما ماتت زوجة الكاتب ه.ج. ولز دعاه إلى إحراق جثمانها، وقصد معه إلى المرمدة حيث تأمل كلاهما إحراق الموتى، وقد سر ولز من المنظر، إذ رأى فيه من النظافة والجمال وسرعة الفناء ما حمله على إحراق زوجته.
وقد ذكرت لنا التلغرافات أن برناردشو قد أوصى بأن يخلط الرماد المتخلف منه بالرماد المتخلف من زوجته التي سبقته إلى المرمدة قبل ثماني سنوات، وهذا خيال جميل وولاء أجمل من الزوجين.
وليس الإحراق للموتى جديدا، فإن الهندوكيين، الذين يزيدون على 350 مليونا، يمارسونه منذ آلاف السنين، وليس في الهند كلها جبانة واحدة، إلا للقليلين من المسيحين، وحتى بعض هؤلاء يؤثر الإحراق على الدفن.
ومن الإعلانات الطريفة في بعض الجرائد الأوروبية أن أصحاب المرامد يقولون: إن الحرق أرخص من الدفن، وهذا صحيح في أوروبا؛ لأن الدفن يحتاج إلى نفقات كبيرة لا يحتاج إليها الإحراق، وهذا بالطبع غير ما يتحيزه الدفن من قبور كان أولى بمكانها أن يزرع ويستغل.
وأنا أميل إلى الحرق، وأوثر أن يحرق جثماني بعد وفاتي لجمال الفكرة في النار تحيل جسمي في دقائق إلى بخار ورماد، بدلا من ترك هذا الجثمان يتعفن، ثم ينتفخ البطن بالغازات، ثم ينفجر، ويبقى على هذا التعفن بضع سنوات إلى أن يذهب اللحم والدم ، ولا يبقى غير الهيكل العظمي.
Shafi da ba'a sani ba