============================================================
ولو تأملوا أن السموات والأرض كلها خلق الله تعالى، أخرجها من العدم الذي كانت عليه إلى الوجود، لما اعتقدوا بوفيهم أن الله تعالى في جهة فوق أو على العرش، وأين كان قبل أن يخلق العرش؟!
وأما قوله تعالى الرحمن على العرش آستوى ((م) (طه: ") فلا دليل فيه على استقراره تعالى عليه عند من معه طرف من اللغة والبيان وعلم البلاغة؛ لأنه من باب التورية، وحقيقة التورية: أن يذكر لفظ له معنيان: قريب، وبعيد، ويراد البعيد. فالاستواء له معنيان: أحكلقما: وهو القريب: الاستقرار على الشيء بالجلوس، كما في قوله تعالى: ثر تذكروا نعمة ريكم إذا استويم عليه } (الزخرف: 12)، فإذا أستويت أنت ومن معك على الفلك} (المومنون: 28).
والثانون الاستيلاء بالقهر والغلبة.
والآية محمولة على الثاني - أعني الاستيلاء - لأنه اللائق به تعالى، ولوخمل على المكان للزم أن يكون الله - سبحانه وتعالى - في أمكنة عديدة لقوله تعالى: (وهو معك اين ماكيثم (الحديد:4)، فحيث وجب التأويل في هذه الآية اتفاقا وصرفها عن ظاهرها بحمل المعية فيها على عموم العلم والسمع والبصر، لزم التأويل أيضا في تلك (1) .
(7) مبلغ الطالب إلى معرفة المطالب (ص89، 90)
Shafi 56