============================================================
السلوب في التنزيه المطلق - التي هي أكثر موارد وأوضح دلالة - أولى من التعلق بظواهر هذه التي لنا غنية عنها، وجمع بين الدليلن بتأويلها.
ثم يفرون من شناعة ذلك بقولهم: لاجسم لا كالأجسام"، وليس ذلك بدافع عنهم، لأنه قول متناقص وجمع بين نفي وإثبات إن كان لمعقولية واحدة من الجسم، وإن خالفوا بينهما ونفوا المعقولية المتعارفة فقد وافقونا في التنزيه، ولم يبق الا جعلهم لفظ الجسم اسما من اسمائه، ويتوقف مثله على الإذن.
وفريق ومنهم ذهبوا إلى التشبيه في الصفات كإثبات الجهة والاستواء والنزول والصوت والحرف وأمثال ذلك، وآل قولهم إلى التجسيم، فنزعوا مثل الأولين إلى قولهم: صوت لا كالأصوات، جهة لا كالجهات، نزول لا كالنزول، يعنون من الأجسام.
واندفع ذلك بما اندفع به الأول، ولم يبق في هذه الظاهر إلا اعتقادات السلف ومذاهبهم، والإيمان بها كما هي لئلا يكر النفي لمعانيها على نفيها، مع أنها صحيحة ثابتة من القرآن، وإلى هذا ينظر ما تراه في عقيدة الرسالة لابن أبي زيد وكتاب المختصر له، وفي كتب الحافظ ابن عبد البر وغيرهم، فانهم يحؤمون على هذا المعنى، ولا تغمض عينك عن القرائن الدالة على ذلك في غضون كلامهم(1).
وقال أيضا في "لباب المحصل": مسألة: وليس في جهة، خلافا للكرامية(2).
(6) المقدمة (ج2/ ص239 240) (2) لباب المحصل (ص199)
Shafi 39