وهذه الطبيعة قابلة للضوء وما لم يكن مشاركا لهذه الطبيعة فهو غير قابل للضوء، فإن الضوء لا ينفذ فى الحائط ولا فى شئ آخر مما ليس هو مشفا لأن طبيعة المشف وحدها من شأنها أن تنفعل، وهذا الانفعال بضرب من الضروب كما قلنا أن تقبل الضوء بمنزلة لون يخصها وقد تتلون هذه الأجسام وتستضىء من غير أن ينفذ فيها لون ما ولا هى أيضا عند التغير الذى يحدث فيها إنما تقبل الضوء مع حضور النار وغيرها مما يجرى مجراها فى المشف بأن تستحيل ولكن سببه إنما حضور الضوء، وذلك أنه ليس حضور النار وحدها يفيد المشف الضياء بل قد يفيد أيضا الجسم الأثير وأعضاء ما من أعضاء الحيوان البرى والبحرى والطيور وأجناس بعض الأحجار
وهذه كلها فليس يسهل علينا أن نحصرها باسم واحد من جهة ما هى بهذه الحال، ولذلك ينبغى أن نقول إن الضوء حضور النار أو ما يجرى مجراها فى المشف، وأيضا إن كانت الظلمة إنما هى عدم الضياء وغيبة هذه الأجسام وإنما تحدث من قبل غيبتها فالواجب 〈أن〉 نقول إن الضياء حضور هذه، وذلك أنه إما أن يكون هذا هو الضياء والظلمة وإما أن يكون سببا لهما، فإنه ليس من شأن كل شىء أن ينفعل من كل شىء لكن أشياء من شأنها أن تنفعل عن أشياء غيرها كما ينفعل المشف عن الأجسام التى قدمنا ذكرها
وإن كان الضوء استتمام المشف فهو غير جسم، وقد يسمى الجسم المضىء على طريق العموم ضوءا، وإذ قد تبين أن الضوء ليس بانفعال المشف ولا اللون أيضا لكنه حضور هذه الأجسام فى المشف بإضافة ما فليس الجسم الأبدى منفعلا من قبل أن 〈ترى〉 كواكبه
Shafi 155