قال عمه ببساطة: «لقد أخذت لتوي أختك لأعلى إلى والدتك. ظننت أن هذا سيريح بالك.» ثم استدار ليذهب إلى مكان نومه. •••
وهكذا، لم تكن ثمة حاجة للعودة، وقرروا استئناف رحلتهم في الصباح. ظن أندرو أنه من الأفضل ألا يتدخل في قصة المرأة الهندية، وألا يقول إن رأيه هو أنها قد خافت وتركت الطفلة في سرير فتى الإسطبل. لم يكن يعتقد أن فتى الإسطبل كان بأي حال متورطا في الأمر، وظن أن جيمس متورط، ولكنه ترك الأمر دون تحقيق. كان الصبي ماكرا ومثيرا للمشاكل، ولكن بالشكل الذي كان عليه ليلا ربما يكون قد تعلم درسا.
لقد كانت ماري سعيدة جدا برجوع الطفلة مما جعلها لا تهتم كثيرا بما قد حدث. هل كانت ما تزال تلقي باللائمة في هذا الأمر على بيكي؟ أو أن لديها أكثر من مجرد شك حول ميول ابنها الأكبر؟ •••
الثيران هي الحيوانات الأكثر تحملا والأكثر اعتمادية. والمشكلة الحقيقية الوحيدة معها هي أنها بمجرد أن تأتي إليها خاطرة بالمكان الذي تريد أن تذهب إليه، فإنه من الصعب جدا أن تغير ما في رأسها. إذا اكتشفت بركة مياه تذكرها بمدى العطش الذي هي فيه وكيف أن المياه سائغة، فربما تدعها تذهب إليها. وهذا ما حدث في منتصف النهار تقريبا بعدما تركوا النزل. كانت البركة هي إحدى البرك الكبيرة القريبة من الطريق ، وخلع الولدان الكبيران ملابسهما وتسلقا شجرة ذات فرع متدل ثم قفزا منها في المياه، المرة تلو الأخرى. أما الولدان الصغيران، فأخذا يحركان أيديهما وأرجلهما على حافة الماء، في حين نامت الطفلة على الحشيش الطويل في الظل وأخذت ماري تبحث عن حبات الفراولة.
راقبهم لبعض الوقت ثعلب أحمر حاد الوجه من طرف الغابة. رآه أندرو، لكنه لم يقل لأحد شيئا عنه، شاعرا بأنه قد كان هناك ما يكفي من الإثارة في هذه الرحلة بالفعل.
كان يعرف، أكثر منهم، ما كان بانتظارهم: الطرق الأكثر سوءا، والنزل الأقل جودة من أي شيء رأوه من قبل، والغبار المتصاعد دائما، والأيام التي يزداد حرها، والانتعاش المصاحب لرذاذ المطر الأول ثم المأساة الناتجة عنه، والطين الموحل الذي يملأ الطريق واتساخ كل ملابسهم به.
رأى كثيرا من اليانكيز ليعرف ماذا أغرى ويل بالعيش معهم: عنفهم وصخبهم وغلظتهم والحاجة لاتباع التيار السائد. رغم أن بعضهم كانوا مهذبين بالقدر الكافي، والبعض الآخر، الذين ربما يكونون من أسوئهم، كانوا اسكتلنديين. كان داخل ويل شيء ما يجذبه لمثل هذه الحياة.
قد ثبت خطأ هذا.
عرف أندرو بالطبع أن المرء يمكن أن يموت بسبب مرض الكوليرا في كندا العليا تماما كما في ولاية إلينوي، وأنه من الحماقة إرجاع موت ويل إلى الجنسية التي اختارها. لم يفعل ويل ذلك، ولكن كان ثمة شيء ما وراء كل هذا الاندفاع؛ محاولة التحرر الكامل من الأسرة ومن الماضي. كان الأمر ينطوي على شيء من التهور والثقة بالنفس، وهو ما قد لا يساعد المرء على الإطلاق، بل يعرضه كثيرا لمثل هذه الحادثة، لمثل هذا القدر. ويل للمسكين! •••
وأصبحت هذه هي الطريقة التي يذكره بها إخوته الأحياء حتى يوم وفاتهم، والصورة التي أخذها أولادهم عنه. ويل المسكين! لم يذكره أبناؤه، بطبيعة الحال، بأي شيء غير لقب «أبي»، بالرغم من أنهم أيضا بمرور الوقت ربما كانوا يشعرون بأن غمامة حزن ويأس تغطيهم عند أي ذكر لاسمه. لم تكن ماري تذكره تقريبا، وكان ما تحس به نحوه أمرا لا يخص أحدا غيرها .
Shafi da ba'a sani ba