193

Manzar Daga Dutse Tsauni

المنظر من صخرة القلعة

Nau'ikan

في صيف عام 2004 قمت بزيارة إلى جوليت بحثا عن أي أثر أو ملمح لحياة ويليام ليدلو، جدي الأكبر الذي توفي هناك. استقللنا السيارة من أونتاريو عبر ميشيجان على ما كان يسمى في وقت ما شيكاجو تيرنبايك، وقبل ذلك كان الطريق الذي سلكه الرحالة لاسال وعدة أجيال من رحالة شعوب كندا الأولى، وأصبح الآن يسمى الطريق السريع رقم 12، مارين ببلدات كولدووتر وستيرجيس ووايت بيجون القديمة. كانت أشجار البلوط غاية في الروعة والتنوع ما بين البلوط الأبيض والأحمر والسنديان الكبير الثمار، بأفرعها المنحنية التي تلقي بظلالها على شوارع البلدة ومساحات كبيرة من الطرق الريفية. هذا، ناهيك عن أشجار البندق والقيقب الضخمة الوارفة الظلال بمنطقة الغابات الكارولينية التي تعتبر غير مألوفة لي قليلا؛ كونها تقع جنوب المنطقة التي أعرفها. إن نباتات اللبلاب السام هنا تنمو لارتفاع ثلاثة أقدام بدلا من افتراش أرض الغابة كالسجادة، فيما تبدو كرمات العنب وكأنها تغلف كل جذع شجرة، وهو ما يجعلك لا تستطيع النظر داخل الغابات المنتشرة على جانبي الطريق؛ فكل مكان مزين بجدائل وستائر خضراء.

كنا نستمع إلى الموسيقى على الراديو الوطني العام، وحين ضعفت إشارة البث رحنا نستمع إلى واعظ يجيب عن أسئلة عن الشياطين. إن الشياطين قادرة على أن تسكن الحيوانات والمنازل ومعالم الطبيعة وكذلك البشر، وأحيانا ما تسكن جماعات وطوائف بأكملها؛ فالعالم يكتظ بهم والنبوءات تثبت أنهم سوف يكثرون وينتشرون خلال أيام العالم الأخيرة التي تحل علينا الآن.

كانت الأعلام في كل مكان، واللافتات ترتفع بعبارة: فليبارك الرب أمريكا.

مررنا بعدها بالطرق الحرة جنوب شيكاجو لنجد إصلاحات بها، ونقاطا غير متوقعة لتحصيل الرسوم، والمطعم الذي بني على معبر علوي وقد صار الآن خاويا على عروشه ويعمه الظلام، بعد أن كان إحدى عجائب الزمن السالف. وصارت جوليت محاطة بمنازل حضرية جديدة، مثل أي مدينة في هذه الأيام؛ فتجد المنازل تمتد على مدى أفدنة وأميال، تتشابه فيما بينها سواء أكانت متصلة أم منفصلة. وحتى هذه المنازل، في رأيي، مفضلة عن المنازل الجديدة الأكبر مساحة الموجودة هنا أيضا في أماكن مميزة، دون تشابه كبير بينها من حيث الشكل ولكنها جميعا تشترك في بعض الأشياء؛ فلها سقيفة واسعة للسيارات ونوافذ عالية تشبه نوافذ الكاتدرائية. •••

لم تسجل أي وفيات في جوليت حتى عام 1843، ولم يكن أي من عائلة ليدلو مدرجا ضمن قائمة المستوطنين الأوائل أو هؤلاء الذين دفنوا في الجبانات القديمة الأولى. يا لها من حماقة مني أن آتي إلى مكان كهذا - أي إلى مكان عمه الرخاء، أو حتى حدث به نمو، خلال القرن الماضي - على أمل الحصول على فكرة عما كانت عليه الأمور قبل أكثر من مائة وخمسين عاما، وبحثا عن مقبرة وذكرى. ولم يلفت انتباهي في السجلات سوى شيء واحد. «مقبرة مجهولة.»

في ركن ما من بلدة هومر، توجد مقبرة لم يعثر فيها إلا على شاهدين فقط، ولكن كان بها ما يقرب من عشرين شخصا في وقت ما حسبما يقال. يحمل الشاهدان المتبقيان، وفقا للسجلات، أسماء أشخاص ماتوا في عام 1837. ويخمن أن بعضا من الأشخاص الآخرين ربما كانوا من الجنود الذي قضوا نحبهم في حرب بلاك هوك.

هذا يعني أن ثمة مقبرة كانت موجودة قبل وفاة ويل.

فتوجهنا إلى هناك مستقلين السيارة في اتجاه الركن رقم 143 وبلدة باركر. في الركن الشمالي الغربي، يوجد ملعب جولف، وعلى الركنين الشمالي الشرقي والجنوبي الشرقي منازل حديثة البناء بساحات خارجية تطل على الشارع. وعلى الركن الجنوبي الغربي يوجد منازل، جديدة نوعا ما أيضا، ولكن مع الفارق أن ساحاتها الخارجية التي تطل على الركن لا تمتد إلى الشارع حيث يفصلها عنه سور عال . وبين هذا السور والشارع قطعة أرض صارت مقفرة تماما.

تسلقت السور بصعوبة ورحت أزيح بيدي نباتات اللبلاب السام جانبا. وفي وسط الأشجار نصف النامية والشجيرات الصغيرة التحتية التي لا يمكن اختراقها، جلست مختبئة عن الشارع أحدق في كل ما حولي؛ لم أستطع أن أعتدل في وقفتي؛ بسبب أفرع الأشجار. لم أر أي شواهد قبور مائلة أو منهارة أو محطمة، أو أي نباتات نامية - كشجيرات ورد على سبيل المثال - قد تمثل علامة على وجود قبور هنا يوما ما. إنه مكان لا جدوى منه. وتملكني الخوف من اللبلاب السام؛ فتلمست طريقي إلى الخارج.

ولكن لم بقيت الأرض المقفرة هناك؟ إن دفن البشر هو واحد من الأسباب القليلة جدا لعدم استغلال أي أرض في نشاط بشري هذه الأيام حين تكون كل الأرض المحيطة بها مستغلة.

Shafi da ba'a sani ba