وَاعْلَمْ أَنَّ الْفِقْهَ أَنْوَاعٌ.
(أَحَدُهَا) مَعْرِفَةُ أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ نَصًّا وَاسْتِنْبَاطًا وَعَلَيْهِ صَنَّفَ الْأَصْحَابُ تَعَالِيقَهُمْ الْمَبْسُوطَةَ عَلَى مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ.
(وَالثَّانِي) مَعْرِفَةُ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ وَعَلَيْهِ جُلُّ مُنَاظَرَاتِ السَّلَفِ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: (الْفِقْهُ فَرْقٌ وَجَمْعٌ) وَمِنْ أَحْسَنِ مَا صُنِّفَ فِيهِ كِتَابُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ، وَأَبِي الْخَيْرِ بْنِ جَمَاعَةَ الْمَقْدِسِيِّ وَكُلُّ فَرْقٍ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْنِ مُؤَثِّرٌ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْجَامِعَ أَظْهَرُ قَالَ الْإِمَامُ (﵀) وَلَا يُكْتَفَى بِالْخَيَالَاتِ فِي الْفُرُوقِ بَلْ إنْ كَانَ اجْتِمَاعُ مَسْأَلَتَيْنِ أَظْهَرَ فِي الظَّنِّ مِنْ افْتِرَاقِهِمَا وَجَبَ الْقَضَاءُ بِاجْتِمَاعِهِمَا وَإِنْ انْقَدَحَ فَرَّقَ عَلَى بُعْدٍ. قَالَ الْإِمَامُ فَافْهَمُوا ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ.
(الثَّالِثُ) بِنَاءُ الْمَسَائِلِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ لِاجْتِمَاعِهَا فِي مَأْخَذٍ وَاحِدٍ وَأَحْسَنُ شَيْءٍ فِيهِ كِتَابُ السِّلْسِلَةِ لِلْجُوَيْنِيِّ وَقَدْ اخْتَصَرَهُ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْقَمَّاحِ
1 / 69