إن الدماغ ليس بمصمت، لكن له تجاويف. وهي على رأي جالينوس أربعة تجاويف يفضي بعضها إلى بعض وتسمى بطون الدماغ. إثنان منها في مقدم الدماغ وواحد في وسطه وآخر في مؤخره على هذا الشكل وعند هذه المجاري أجسام متشكلة بشكل موافق يسدها في بعض الأحايين ويفتحها في أخرى وله زائدتان تنبتان من بطنية المقدمين شبيهتان بحلمتي الثدي يبلغان إلى العظم الشبيه بالمصفاة. وبهاتين الزائدتين يكون حس الشم. وهذا عظم مثقب ثقبا كثيرة على غير استواء بل مشاشي وموضعه من القحف حيث ينتهي إليه أقصى الأنف.
وللدماغ غشاءان أحدهما صلب غليظ، والآخر رقيق. والرقيق ملاصق للدماغ ومخالط له في مواضع كثيرة. والغليظ ملازق للقحف وملازق للدماغ في أمكنة منه وهذا الغشاء الصلب مثقب ثقبا كثيرة في موضعين. أحدهما عند الثقب الذي في أقصى الأنف المسمى المصفاة. والآخر عند العظم الذي في الحنك. وهذا العظم أيضا مثقب. ويسيل من العظم المثقب الذي في أقصى الأنف فضول البطنين المقدمين من الدماغ إلى الأنف ومن الذي في الحنك فضول البطن المتوسط والبطن المتأخر. فيكون بذلك السلامة من أمراض رديئة كثيرة وتحت الدماغ وتحت الغشاء الغليظة النسيجة الشبيهة بالشبكة التي تكون من الشرايين الصاعدة إلى الرأس وهذه النسجة يخرج منها عرقان كما ذكرنا في باب الشرايين فيدخلان في الغشاء الصلب ويتصلان بالدماغ. وأما منبت الأعصاب منه فقد ذكرناها عند ذكرنا للعصب.
Shafi 58